يتبادر لذهن زوار معرض الأسر المنتجة بمهرجان الزيتون الرابع الذي ينظمه جهاز السياحة والآثار بالجوف عند توجههم للمعرض أن يجدوا عددا من المنتجات البدائية ذات الجودة المتدنية, ولكن لا تدوم هذه التصورات طويلا منذ أن يضع الزوار أقدامهم داخل المعرض، إذ يجدون فكرا مختلفا وتطورا كبيرا من العطور والصابون والمجسمات الجمالية والشنط والمأكولات الفاخرة, ويبدأ الزوار يتساءلون إن كان هذا من صنع أيدي السيدات المتواجدات فتبدأ الأسئلة كيف ومتى وتنتهي بشراء كميات كبيرة من المنتجات وسط رضا تام مصدره إجابة شافيه "هذا من صنع يدي".
هذه الصناعات التي جاءت بأيدي فتيات الجوف كانت من الممارسة والمثابرة دون الحصول على دورات أو دراسة أو دخول للمؤتمرات، ومع ذلك فإنها تمتلك جودة عالية وتتميز بعدم تواجدها بالسوق سوى لدى تلك الأسر.
فن السدو
لم يعد السدو قطعا كبيرة الحجم كالسابق تستخدم في بيوت الشعر لتجميلها فقط بل تعددت صناعاته على أيدي سيدات الجوف، وأصبح يظهر بأشكال مختلفة، تقول أم ثامر: أصبحنا نعرف ماذا يريد الزبون وندرك كيف نستغل هذه الصنعة بالشكل الجيد، وذلك بعد المشاركات المتعددة التي تهيأت لنا في الأعوام الأخيرة، فأصبحنا نصنع من السدو شنطا للأجهزة المحمولة والجوالات وقطعا لتجميل الطاولات والمنازل، إضافة إلى مهمته الأساسية في تجميل بيوت الشعر الذي طرأ عليها التعديل أيضا، فالسابق كانت قطعا كبيرة وباهظة الثمن تصل إلى 10 آلاف ريال، فكنا لا نجد لها الزبون بشكل كبير، ولها زبائن خاصون، ربما نبيع في العام قطعة واحدة، واليوم أصبحت القطع صغيرة ومناسبة وتتراوح أسعارها ما بين ألف ريال و3 آلاف ريال، والقطع الصغيرة والشنط لا تتخطى 200 ريال, وبينت أن لها رواجا كبيرا بالسوق، وأبهرت زوار المعرض فقلما من يحضر ولا يقتني شنطة من السدو إما لحاسبه أو للشاي والقهوة.
النسيج اليدوي
يتوقف الزوار عند جناح أم نايف، الجناح الذي يحوي أشكالا متعددة ومختلفة صنعت من النسيج يدويا حتى أصبحت تنافس "أم نايف" الماركات العالمية بملابس النسيج التي تصنعها يدويا. أم نايف التي حضرت من محافظة القريات للمشاركة تقوم بعدة صناعات من خلال النسيج اليدوي وتعرضها بجناحها بالمعرض الذي يحوي ملابس للأطفال وسفرا للطاولات من النسيج وتحفا وهدايا وشالات وطنية وعلبا للمناديل ومفارشا للطاولات من النسيج.
وتقوم بالنسج أمام زوار المعرض.. التقتها "الوطن" وسألتها عن هذه الصناعة فبينت أنها تمارسها منذ صغرها وخرجت للسوق منذ عشرة أعوام وأنها لم تلتحق بدورات أو جهات دراسية لتعلم هذه الصناعة، وإنما تعلمتها بجهد منها وإصرار عليها وطورت إمكانيتها مع الوقت حتى أصبحت اليوم تدرك تماما متطلبات السوق، وتقوم بصناعتها بيدها, ولها اليوم الكثير من الزبائن الذين يحرصون على الشراء من عندها، وتقول: إنها تتلقى بشكل مستمر طلبات من المدارس والمعلمات والأمهات خاصة في اليوم الوطني الذي جملت جناحها به، فهو يحوي العديد من الملابس باللون الأخضر والعلم السعودي, وتقول: إنها تحضر الصوف من مدينة عمان بالأردن، وتقوم بصناعته بيدها بأشكال متعددة ومختلفة. وتبين أن جناحها منذ أول أيامه أبهر زوار المعرض الذين توقفوا للسؤال عن كيفية صناعتها وشراء منتجاتها، وقدمت أم نايف شكرها للقائمين على الجناح لإتاحة الفرصة لهن لتسويق منتجاتهن.
صناعة عطور
ظهر في الصناعات اليدوية لفتيات الجوف إبداعات وصناعات جديدة إضافة إلى الصناعات التراثية والتقليدية الأصلية التي اشتهرت بها سيدات منطقة الجوف, مما أبهر المتسوقين ونال إعجابهم. فعدد من الشابات من منطقة الجوف يقمن بمنافسة كبار محلات التجهيزات للحفلات بإعداد علب الشكولاته والهدايا للحفلات مما أبهر المتسوقين وشهدت مشاركتهن بمهرجانات المنطقة إقبالا جيدا من زوار المهرجانات الذين سجلوا طلبيات كثيرة من خلال مواقعهن بالمهرجان لجودة ما يقدمنه وإعجابهم بطرق إعدادهن المتنوعة.
كما تقوم سيدات بالجوف بتحضير مخلوطات من العطر يقمن بتركيبها وإعدادها وخرجن بمنتجات ذات رائحة زكية ومميزة نالت استحسان الزوار الذين بادروا بالشراء منها.
صابون زيت الزيتون
لقي صابون زيت الزيتون إعجاباً كبيراً من قِبل زوار المهرجان الذي تصنعه فتيات الجوف, حيث يشارك عدد من الفتيات اللاتي يتقنّ هذا النوع من الصناعة ويعرضن منتجهن لبيعه بمعرض الأسر المنتجة، ويبدو صابون فتيات الجوف مميزاً وملفتاً للنظر بألوانه الزاهية التي تجتذب الزوار وتبهرهم بالإضافة إلى رائحته الزكية، فقد مُزج بالأطياب والبعض منه مغلَّف بعلب فاخرة ومصنوعة يدوياً، كما تقوم هذه الفتيات بتوزيع نشرات مخصصة عن أنواع وأسعار هذه المنتجات، وقالت "أم غالب" التي تعرض عينات من منتج مشروعها في مجال الصابون: إنني أعرض هنا أجود ما ينتجه مشروعي من الصابون المصنّع بأيادي فتيات الجوف، فقد أثبتن أنهن قادرات على أن ينتجن ويبعن في وقت قياسي.
منافسة المطاعم العالمية
ينافس عدد من السيدات البائعات للمأكولات الشعبية المطاعم العالمية بإعداد وطهي المأكولات الشعبية والحلويات التي تلاقي رواجا كبيرا في المعرض، وأصبحت السيدات تعي طرق التسويق والإعداد والبيع بشكل جيد ينافس المطاعم ولم يعدن كالسابق يبعن الأكل المشكوف بأدوات غير لائقة قد لا يجد قبول الزبائن, تقول أم خالد التي تبيع الجريش والكبسة والمحاشي: إنه لا تستغرق المأكولات أكثر من ساعتين لبيعها من خلال الجناح حتى أصبحت مأكولاتها حديث زوار المهرجان، يتهافتون عليها منذ بداية وقت الافتتاح، وتقول: إنها لو استطاعت أن تزيد الكمية فهي متأكدة من تسويقها كاملة في اليوم الواحد.
مجسمات جمالية
لا يتوقع زوار مهرجان الزيتون الرابع بالجوف عند زيارة جناح "أم فيصل" للمشغولات اليدوية مشاهدة المجسمات الجميلة سواء كانت حطبا أو جوز هند أو جذوع نخيل.
"الوطن" زارت الجناح والتقت أم فيصل التي يضم جناحها أبجورات وفواحات صنعت يدويا، وبينت أن هذه التحف الجميلة هي من أفكار بنات الجوف وصناعة أيد سعودية وتستعمل فيها خامات طبيعية مثل جوز الهند والحطب, وتحدثت عن مجموعة كبيرة من الأبجورات بجناحها تمت صناعتها من خامات طبيعية ويقوم بصناعتها شباب سعوديون يحورون أفكار بنات سعوديات. وقالت: تعمل أيد سعودية ماهرة على تجميع قشور النخل وخاصة نخل جوز الهند الذي نستورده من الخارج ونعمل على تصنيعه يدويا وحسب طلب الزبون, كما يحوي الجناح مجسمات جمالية تمت صناعتها من الحطب، وفي بوابة الجناح تضع أم فيصل مضافة للزوار تحوي تمر الإخلاص صنعت بأيدي فتيات الجوف.