بعد 18 يوما من الإحباط والغضب والحزن على شهداء "ثورة 25 يناير" سادت حالة من الفرحة الغامرة ملايين المتظاهرين المحتشدين في ميدان التحرير وسط القاهرة وشوارعها مع الإعلان عن تنحي الرئيس حسني مبارك.
وسادت حالة فرحة هستيرية المتظاهرين الذين أخذوا يهتفون "الشعب خلاص أسقط النظام"، وهم يصرخون فرحا ويلوحون بالأعلام المصرية، مع إعلان اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية في لحظة فريدة بتاريخ مصر تنحي الرئيس مبارك عن الحكم نزولا تحت ضغط الشارع الذي لم يرض بديلا عن ذلك.
وفي ميدان التحرير لم يتمالك البعض أنفسهم من شدة الانفعال فأغمى عليهم من التأثر.
وأخذت مجموعة من المتظاهرين تغني أوبريت "الليلة الكبيرة" للراحل سيد مكاوي، فيما أخذت جموع أخرى تردد تكبيرات العيد.
وامتلأت شوارع القاهرة بالسيارات التي نزل أصحابها إلى الشارع للتعبير عن فرحتهم، مطلقين العنان لأبواقها ابتهاجا برحيل مبارك، كما ترددت أصوات أعيرة نارية أطلقت أيضا تعبيرا عن الفرح، فيما خرجت مصريات إلى الشرفات في الشوارع وأخذن في إطلاق الزغاريد.
وانهالت الاتصالات الهاتفية بين الأهالي والأصدقاء في مصر والخارج لتهنئة بعضهم البعض بهذا الحدث الفريد.
وعلى موقع تويتر كتب الشاب وائل غنيم خبير الإنترنت الذي أصبح رمزا للثورة الشعبية "مبروك لمصر المجرم غادر القصر".
وفي الإسكندرية، خرج مئات الآلاف من السكان إلى الشوارع في مسيرات احتفالية. كما انصرف عشرات الآلاف من المحتجين من أمام قصر رأس التين في المدينة ومن أمام مقر التلفزيون منطلقين في مسيرات ابتهاج حاشدة.
وفي أسيوط جنوب مصر دوت طلقات الرصاص في مختلف أنحاء المدينة ابتهاجا بنهاية حكم مبارك.
وكانت مدن ومحافظات مصر قد شهدت أمس يوما غاضبا في "جمعة التحدي"، بعد رفض الرئيس مبارك التخلي عن السلطة في خطاب وجهه مساء أول من أمس، رافضين أيضا خطاب نائبه عمر سليمان بفض التظاهر والعودة إلى الديار، وكذلك رفض البيان العسكري الثاني بضمان التعهدات.
فاحتشد نحو 6 ملايين عقب صلاة الجمعة، في ميدان التحرير وأمام مقر رئاسة الجمهورية وفي عدد من المحافظات. واعتبر المتظاهرون أن "هذه فرصتهم الأخيرة للخلاص" من نظام مبارك.
وأمام القصر الرئاسي أدى المحتجون الصلاة وراء عربات الجيش، الذي لم يتدخل غير أنه أغلق الطرق المؤدية للقصر، وهتفوا بسقوط النظام ورحيل مبارك. وهذا أول تجمع احتجاجي أمام القصر منذ 25 يناير الماضي.
كما احتشد أكثر من 300 ألف محتج أمام مبنى التلفزيون وطوقوا المبنى الذي تحيطه عربات الجيش وعشرات الجنود فضلا عن الأسلاك الشائكة.
وفي الإسكندرية خرج مئات الآلاف إلى الشوارع بعد صلاة الجمعة. ودعا الشيخ أحمد المحلاوي في خطبة الجمعة بالمسجد الرئيسي في الإسكندرية المحتجين إلى عدم التراجع عن ثورتهم لأن التاريخ لن يرجع للوراء.
كما شهدت مدينتا الأقصر وقنا جنوب مصر مظاهرات حاشدة عقب صلاة الجمعة تطالب برحيل مبارك.
ففي الأقصر، انطلقت مظاهرة شارك فيها قرابة ألفي مواطن من ميدان أبوالحجاج وصلاح الدين حاملين أعلام مصر وطافوا بشوارع الأقصر، مطالبين بإسقاط النظام ورحيل الرئيس مبارك. وفي قنا، تظاهر 1500 مواطن في ميدان الساعة مطالبين بسقوط النظام.
وفي السويس، سقط عدد من المباني الحكومية أمس في أيدي محتجين، حيث احتل المتظاهرون الذين تجمعوا بعد صلاة الجمعة، مبنى ديوان عام محافظة السويس ومبنى حي السويس ومبنى حي الأربعين في المدينة التي شهدت مصادمات بين المحتجين والشرطة سقط فيها 24 قتيلا. ورفع المحتجون صور القتلى مطالبين بالثأر لهم وهتفوا بسقوط مبارك، ورحيل محافظ السويس ومدير أمن المحافظة.
كما طاف شوارع مدينة دمياط آلاف المحتجين مرددين هتافات مناوئة لمبارك.
وفي العريش، اشتعلت النيران في واجهة قسم ثاني شرطة العريش بمدينة العريش عاصمة محافظة شمال سيناء بعد إلقاء قنابل مولوتوف عليه خلال احتجاجات تطالب بإنهاء حكم الرئيس حسني مبارك وإن 15 محتجا أصيبوا برصاص الشرطة.
وقال مصدر: إن اشتباكات تدور بالرصاص بين مسلحين ملثمين يرافقون المحتجين وقوات الشرطة المتحصنة بمبنى قسم الشرطة. وأشعل المحتجون النار في ثلاث عربات للشرطة خارج القسم واستخدموا القنابل الحارقة خلال المواجهة.