قدم مستشار الرئيس الأميركي باراك أوباما لمكافحة الإرهاب جون برينان في أكتوبر من العام الماضي شكر الولايات المتحدة لما قدمته المملكة العربية السعودية من معلومات عن شحنة من الطرود التي تحتوي مواد مشبوهة. احتوت المعلومات المقدمة من الجهات الأمنية السعودية تفاصيل دقيقة عن الطرود ومحتوياتها ووجهتها، وحتى المطارات التي ستتوقف فيها. صدر هذا الإعلان من الولايات المتحدة وليس من السعودية. أي دولة أخرى كانت ستستغل هذه الحالة إعلامياً وتصنع منها معجزات وربما أفلاما سينمائية. السعودية لم تفعل ذلك، لأنها تؤمن بأن العمل الأمني هو عمل دؤوب لا يتوقف، وأكثر ما يسلبه كفاءته ونجاحه هو تحويله إلى مادة إعلامية. أصبحت وزارة الداخلية بهذا الإنجاز مثالاً للكفاءة وحسن الأداء بل ومرجعية في المجال الأمني.

نجاح الجهات الأمنية السعودية لم يأت من فراغ إنه نتيجة التخطيط والتنظيم والإدارة الكفؤة لهذا المرفق الهام. مرفق مسؤول عن المواطن من ولادته حتى بعد وفاته. لا بد له أن يكون على مستوى عال من القدرة على التفاعل والأداء في مختلف الظروف.

قاد الأمير نايف وزارة الداخلية في أصعب المراحل. الإرهاب والتهديدات على الحدود والاستهداف المباشر وغير المباشر، ومحاولات الوقيعة بين المواطن ودولته من قبل أشخاص وكيانات عديدةـ إضافة للأزمات التي كانت وراء الحدود وتنذر بتجاوزها للداخل.

كان الإرهاب يتخذ من المملكة عدواً دائما. استهدفت مخططات الإرهاب شباب الوطن ومنجزاته وقيمه وكافة مرافقه. نجح الأمير نايف في القضاء على الإرهاب. تمكن من خلال عمليات المتابعة والمراقبة والتحري من التغلغل داخل الشبكات الإرهابية وتدميرها. هذا المجهود شمل أعمال التوعية والتعريف بمخططات المجموعات الإرهابية. إضافة للعمليات الميدانية التي أكدت لكل المنظمات الإرهابية أنه لا مكان لهم بيننا. في خضم هذا كله ـ وتأكيداً على أهمية المواطن وحرص الدولة عليه ـ شكل الأمير نايف لجان المناصحة التي أعادت الكثيرين ممن انتموا لهذه المنظمات الإرهابية إلى الحق والصواب، بل وقدمت لهم الدولة القروض وسهلت عليهم كل الصعوبات المادية والاجتماعية. الهدف النهائي هو إعادتهم كعناصر فاعلة في المجتمع.

الحدود كانت مصدراً للقلق، يبلغ مجموع طول الحدود البرية والبحرية للمملكة 6760 كيلو مترا. السيطرة على هذه الحدود هو بحد ذاته عملية معقدة للغاية، تمنح الفرص الوظيفية والقدرة الاقتصادية للمملكة سبباً مهماً للمتسللين. أعدادهم في تزايد مستمر وهم يشكلون عناصر أزمة بسبب حاجتهم المادية التي يمكن أن تحولهم إلى عناصر تنقل الخطر بمختلف أشكاله للمملكة. تعمل وزارة الداخلية على مشروع نظام مراقبة دقيق لحدودها يعتمد على الحواجز والكاميرات والطائرات والدوريات المجهزة بأحدث وسائل المراقبة على الحدود بدءاً من المناطق الأكثر خطورة. تستهدف عصابات تهريب الأسلحة والمخدرات والممنوعات إلى المملكة. تعمل الجهات الأمنية بالتعاون مع مختلف الفعاليات الحكومية والأهلية على منع التهريب وتوعية المواطن. تعتبر نسب القبض في المملكة من أعلى النسب العالمية. يأخذ الأمير نايف هذا الأمر على محمل الجد ويعتبر حماية الناس مهمة شخصية لا يمكن أن تفشل، وهو يقدم كل أنواع الدعم والمؤازرة البشرية والمادية لعمليات الكشف والتصدي لهذه المشكلة.

التقنية والتخطيط الاستراتيجي والاعتماد على أحدث الوسائل المتوفرة ـ بل والمساهمة في بحوث تطوير العمل الأمني مهمة تولاها الأمير شخصياً. وزارة الداخلية كانت السباقة في مجال إدخال التقنية لأعمالها بافتتاح المركز الوطني للمعلومات قبل أكثر من ثلاثين عاماً. وزارة الداخلية سباقة في إدخال خدمات جديدة في مجال الحاسب الآلي لتسهيل حياة المواطن، هذا التطور هو نتيجة النجاحات الفريدة التي تحققت باستخدام التقنية في كل أعمال الوزارة الأخرى. كما يأتي التعليم والتدريب في أعلى اهتمامات سموه، فبالإضافة للكليات والمعاهد الأمنية يرأس سموه مجلس جامعة نايف للعلوم الأمنية، ويخطط لإنشاء جامعة نايف للأمن الوطني.

التعاون مع الجهات القضائية والعدلية ومنظمات حقوق الإنسان من أولويات سموه. ففي عهده أنشئت هيئة التحقيق والادعاء العام لتولي مهام تمثيل الحق العام بشكل أكثر احترافية وكفاءة ومراعاة لقواعد الاتهام والتقاضي من قبل جهة غير جهة القبض. يضاف إلى ذلك الاهتمام المتزايد بالتنسيق مع الجهات العدلية لحل مشاكل اكتظاظ السجون، وربط عقوبات المدانين بالأعمال الاجتماعية التي تنفع الوطن وتحقق العدالة بما يضمن عدم العودة للجريمة. مساهمات وزارة الداخلية لا تنتهي عند حد، تقوم الجهات الأمنية بمراقبة القادمين والمغادرين الذين تتجاوز أعدادهم الثلاثين مليوناً كل عام عبر مختلف المنافذ، والتأكد من إجراءاتهم. إضافة لإصدار وثائق جوازات السفر وبطاقات الهوية المدنية من خلال استخدام أحدث التقنيات. يضاف لذلك حماية حجاج بيت الله الحرام، والأعمال الشرطية والمرورية في مختلف مدن المملكة التي تتجاوز مساحتها مليوني كيلو متر مربع ، وأعمال الدفاع المدني سواء كانت أعمال الحماية أو التعامل المباشر مع الحوادث أو تنفيذ التوعية والمراقبة على المساكن والمناطق الصناعية والتجارية.

يأتي اختيار صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز ولياً للعهد نتيجة لما حققه من إنجازات في وزارة الداخلية والمهام الأخرى التي كلف بها فهو المشرف العام على اللجان والحملات الإغاثية والإنسانية بالمملكة والرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب، ورئيس المجلس الأعلى للإعلام، ورئيس الهيئة العليا للأمن الصناعي، ورئيس لجنة الحج العليا، ورئيس المجلس الأعلى للدفاع المدني، ورئيس مجلس القوى العاملة، ورئيس مجلس إدارة صندوق التنمية البشرية، ورئيس مجلس إدارة الهيئة العليا للسياحة، ونائب رئيس الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها. وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.

هذه الخبرات والقدرة الإدارية الفائقة والمتنوعةـ تجعل منه الرجل المناسب في المكان المناسب.

أسأل الله أن يطيل عمر خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين على طاعته وأن يرزقهما البطانة الصالحة الناصحة.