حاصر المتظاهرون المصريون أمس مقر البرلمان ومقر مجلس الوزارء غداة تظاهرات هي الأضخم منذ بدء "ثورة 25 يناير" المطالبة بإسقاط الرئيس حسني مبارك، فيما قتل ثلاثة متظاهرين في اشتباكات مع الشرطة في مدينة الخارجة بجنوب مصر.

وتمكن المتظاهرون من سد مدخل مبنى مجلس الشعب المصري في وسط القاهرة، فيما أعلن رسميا أن اجتماع مجلس الوزراء نقل من مقر الحكومة في شارع القصر العيني إلى مقر وزارة الطيران المدني في مدينة نصر.

وفي ميدان التحرير الذي تحول إلى منطقة خيام محصنة، يؤكد آلاف المتظاهرين المرابطين بشكل دائم فيه أنهم لن يتراجعوا قبل أن يرحل الرئيس مبارك وهو واحد من مطالبهم الرئيسية.

وصباح أمس صاح أحد الناشطين موجها حديثه للمتظاهرين الذين ينامون في الميدان رغم الليالي الباردة والإرهاق "لا تتعبوا .. لا تتعبوا، فالحرية لم تتحقق بعد".

وبعد ساعات قليلة على الحملة التي بدأتها وزارة الداخلية المصرية لتغيير الصورة النمطية السيئة التي علقت بعقول المصريين عن رجالها، ودشنتها أمس برسائل sms، جاءت الأنباء بمقتل ثلاثة مواطنين بالرصاص الحي على يد الشرطة، بمدينة الخارجة بمحافظة الوادي الجديد، لتطيح بكل هذه الجهود، وتعود بها إلى المربع صفر.

وسادت حالة من الغضب، والحزن أرجاء المحافظة بعد مقتل المتظاهرين الثلاثة وإصابة العشرات منهم، بعدما لجأت الشرطة مجددا إلى استخدام الرصاص الحي، والمطاطي، لتفريق الآلاف من المتظاهرين بالمحافظة.

وقال شهود عيان "إن المتظاهرين الذين تجمعوا لليوم الثالث لم يستجيبوا لفض تظاهراتهم، فقام الضابط محمد العسكري وبعض جنود الشرطة، بتوجيه السباب لهم، والاعتداء عليهم بالرصاص الحي، مما دفع الحشود منهم لإضرام النار في مقر الحزب الوطني الحاكم، وقسم الشرطة، ومقر الدفاع المدني، والمبنى السكني لأمناء الشرطة.

وأضاف شهود العيان أن النيران التهمت جميع الأوراق والأصول الثابتة، بالإضافة إلى إدارة الحماية المدنية، كما أشعلت النيران في مقر محكمة الخارجة، والنيابة العامة، والمنشآت الأخرى، ولحقت النيران بمقر نيابة الوادي الجديد ونيابة المرور، والتهمت أغلب ملفات القضايا والمخالفات على السيارات، كما تم تكسير نقابة المحامين.

ويعكف الأهالي حاليا على تشكيل "لجان شعبية" لحفظ الأمن، المفقود في الواحة، بعد اختفاء الشرطة منها.

وقام جهاز الشرطة منذ صباح أمس بمخاطبة المصريين عبر رسائل بثها على شبكات الموبايل، وتعهدت الوزارة بتغيير سلوكها نحو المصريين، وقالت "لن يكون تعاملنا من اليوم إلا بالصدق، والأمانة، وسيادة القانون".

وأتبعتها برسالة ثانية "رجال الشرطة عادوا إلى الشارع لحماية المواطنين يرجى التعاون معهم"!.

وكان نائب الرئيس عمر سليمان قال في لقاء مع رؤساء تحرير الصحف المصرية أول من أمس إن "الحوار والتفاهم هو الطريقة الأولى لتحقيق الاستقرار في مصر والخروج من الأزمة الحالية"، مؤكدا أن "البديل الثاني للتعامل مع هذه الأزمة هو حدوث انقلاب".

وأضاف "نحن نريد أن نتجنب الوصول إلى هذا الانقلاب ... حفاظا على مصر وعلى ما تحقق من مكتسبات وإنجازات".

وبعيدا عن ميدان التحرير أو حدود العاصمة القاهرة أو مدن الأقاليم التي انضمت فيها المظاهرات إلى النداء بإسقاط الرئيس حسني مبارك انضم أبناء من ريف مصر أيضا إلى التغيير. وتابع مزارعون وعمال ريفيون بمصر الانتفاضة، حيث شارك في طنطا الآلاف في الاحتجاجات. وخرج المئات إلى الشوارع ليتظاهروا أمام المكاتب الحكومية وكانت رسالتهم هي نفس رسالة مواطنيهم على بعد 100 كيلومتر إلى الجنوب في القاهرة.

وبدت جماعة "الإخوان المسلمين" التي شاركت في حوار مع نائب الرئيس الأحد الماضي راغبة في إبقاء الباب مواربا للعودة إلى ذلك الحوار مجددا.

ورغم إصرار القيادي بالجماعة عصام العريان، في مؤتمر صحفي أمس، على ضرورة "تنحي مبارك بعدما أصبح منزوع الشرعية"، ودعوة القيادي محمد مرسي إلى "تنحي الرئيس لبدء عهد جديد"، فإنه قال "ما زلنا نقيم الحوار، ونحتاج لأيام لتقييم الوضع لاتخاذ موقف".

ونأت الجماعة عن التصريحات التي أدلى بها مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي بخصوص الاحتجاجات المصرية، حيث قال رئيس الكتلة البرلمانية السابق للجماعة سعد الكتاتني "نحن نرفض الدولة الدينية، ولسنا مسؤولين عما يصدر من بيانات أو تصريحات من قوى خارجية".

على صعيد آخر، عقدت اللجنة الدستورية، برئاسة المستشار سري صيام رئيس محكمة النقض، أول اجتماعاتها أمس وانتهت من مناقشة بعض نظم عملها واستمعت في اجتماعها الذي استمر نحو ثلاث ساعات إلى أفكار وتصورات جميع الأعضاء حول التعديلات الدستورية والتشريعية اللازمة.

واتفق أعضاء اللجنة، على أن المواد التي يلزم تعديلها فى الدستور هي المواد 76 و77 و88 و93 و179 و189، بالإضافة إلى مواد أخرى.

وتنتهي اللجنة في اجتماعها السبت القادم إلى إلزام تعديلات وإعداد الاستراحات اللازمة للمواد المذكورة ، كما اتفقوا أن تصدر اللجنة بيانا صحفيا فى نهاية كل اجتماع على لسان المتحدث الرسمي المستشار سري صيام رئيس اللجنة.

يذكر أن اللجنة تضم 11 شخصية من أقدم نواب رئيس محكمة النقض، وأقدم نائبين لرئيس مجلس الدولة، ونائبين من نواب المحكمة الدستورية و4 من فقهاء الدستور والقانون.