في فيلم أميركي يحكي قصة حقيقية تكتشف الزوجة أن زوجها يرغب في الانفصال عنها لأن في حياته امرأة أخرى، فتنظر الزوجة إلى حياتها فتجد أنها عاشت عمرها كله تربي أولاده، وتكوي ملابسه، وتحضّر طعامه، وتدعمه ليصبح مديراً في شركته، فوجدت أنه ليس عدلاً أن تُسلب منها هذه المكانة لصالح امرأة أخرى، لذا تلجأ لمحامٍ ليرفع لها قضية تعويض على المرأة الأخرى، لكنه يطلب منها أن تبحث في الدستور الأميركي عمّا يبرر له رفع القضية، فتمضي إلى المكتبة وتقلب الكتب وكل ما يشرح الدستور الأميركي، فتجد عبارة صغيرة مكتوب فيها أن تغيير العاطفة جرم يستحق المعاقبة، فتسرع بها إلى المحامي الذي يرفع لها القضية ليقتنع القاضي ومحلّفوه، ويحكموا لها بمليون دولار تعويضاً عمّا لحق بها من أذى.

في الحقيقة، إن عبارة صغيرة في الدستور الأميركي منحت امرأة حقها في العدالة، فهل لا يمكن توفير ذلك للنساء في بلادنا مع عشرات القواعد وآلاف النصوص والأحكام التي يجمعها مصطلح الشريعة الإسلامية، التي جاءت لإسعاد الإنسان، فكيف إذا كان هذا الإنسان زوجة أفنت عمرها في إنجاب وتربية ورعاية وخدمة أسرة، ثم قوبلت بالجحود والنكران عندما كبرت وذهب جمالها وجسدها، لتتحول إلى ضيفة في بيوت الأبناء والإخوة، في الوقت الذي يبدأ فيه زوجها حياة جديدة مع عروس شابة وسط صمت المجتمع، وفي أحيان كثيرة مباركته؟!

لا أظنك عزيزي القارئ إلا شاهدت ذلك، يقول الشيخ الجليل عبدالله بن بيه: "عند التعامل مع الواقع نحاول أن يكون فقهنا حلاً لمشكلاته بدلاً من أن يكون أحد إشكالاته"، والناظر للفقه الإسلامي يجده يمتاز بالقواعد الأصولية التي تسمح باستنباط تشريعات جديدة منها حتى قيام الساعة، مما يحقق لنا السعادة نحن النساء في وقت شاع فيه بين الناس عدم احترام القيم، حتى وصلوا لعدم احترام العشرة وجحود المعروف، وهذا الأمر يحتاج لفقهاء مجددين ومجتهدين يتخصصون في فقه المرأة في كل أحوالها، وينطلقون لأحكام تحقق لها عدالة الإسلام المنشودة، والتي سيجدون ـ ولا شك ـ خطوطها العريضة في كتب الفقه الإسلامي، ومن ثم إلزام القضاء بأن يحكم بموجبها، ومنها: ضمان حياة كريمة للزوجات المسنات، وتغريم المطلِّق بلا سبب بيّن، وعدم أخذ المال من المرأة المتضررة من زوج خالعته.. إلخ من صور العدالة التي تستحقها المرأة في ظل الإسلام".