أكد أمين عام دارة الملك عبدالعزيز الدكتور فهد السماري أن كلمة "العوجا" المرتبطة بنخوة آل سعود وأهل العارض بنجد والمعروفة بـ"حنا أهل العوجا" ذات دلالة مكانية ولا علاقة لها بانتساب لخيل مشهورة تعود أصولها إلى الخيل (أعوج) ـ كما قيل في تفسيرها ـ أو لقطيع إبل مشهورة، حيث يطلق على الإبل الضامر (عوجا) ـ كما استدل بعض الباحثين والمؤلفين ـ أو لجبل العارض المعوج التكوين حسب ما انتهي إليه بعض الباحثين. ويرى السماري أن ما قيل بأنها تعود إلى وصف للملة الحنفية لأنها "جاءت لتقوّم الملة التي ابتدعها ضالون على أنها الحنفية" أو الدعوة الإصلاحية في نجد "كما وصفها جهلاً معارضوها" مجرد تخرصات أو زيادات كيدية ألصقت ـ حسب السماري ـ بشكل تعسفي لا يتفق مع حال وواقع الملة الحنفية والدعوة الإصلاحية المستقيمة في مبادئها ودعوتها.
وفند السماري في بحث جديد الآراء السابقة حول مدلول كلمة "العوجا" أصدرته الدارة حديثا تحت عنوان (أهل العوجا) إلى مدينة الدرعية السعودية، مبينا بالأدلة الشعرية والشواهد في كثير من قصائد شعراء في الجزيرة العربية أن العوجا ذات دلالة مكانية ولا علاقة لها بانتساب لخيل مشهورة ـ حسب ما انتهي إليه بعض الباحثين ـ وخلص إلى أن المقصود في هذه الجملة الحماسية (حنا أهل العوجا) هو مدينة الدرعية التي تقع على واد متعرج ومعوج فسميت بـ(العوجا)، فجملتا (أهل العوجا) و(خيال العوجا) تعنيان أهل الدرعية وخيال الدرعية. مشيرا إلى أن الملك عبدالعزيز ـ طيب الله ثراه ـ ورث من أجداده مؤسسي الدولة السعودية الأولى هذه النخوة التي استخدمها لاحقا أهل العارض ونجد مثلهم في ذلك مثل كل القبائل في الجزيرة العربية التي كانت لها نخواتها الخاصة لشحذ الهمم وترسيخ مبادئ الوحدة بين أفرادها، ورد المعتدين، ودفع الظلم عن المظلومين، وإظهار أقصى طاقات النفس المكنونة للدفاع عن مبدأ أو عرض أو أرض، وكانت النخوة والعزوة من الثقافات الاجتماعية السائدة في تلك الأيام وما قبلها.
وأرجع السماري أسباب بحثه إلى توجيه وتكليف من أمير منطقة الرياض، رئيس مجلس إدارة الدارة، الأمير سلمان بن عبدالعزيز، حيث يقول في تقديمه لبحثه في الكتاب حول مصدر فكرة هذا البحث، وتوجيه سموه له بذلك البحث: ".. يأتي هذا التوجيه ضمن ما يشرفني به دوما سموه الكريم من أسئلة ونقاشات عديدة في جوانب تاريخية مهمة، والذي يميّز أسئلة سموه أنها تتجه نحو الموضوعات التي لم تحظ بالدراسة الكافية على رغم أهميتها، وهذا ما يثري تلك الموضوعات، ويسبر غورها من حيث البحث والدراسة والتحقيق".
وأشار السماري إلى أن هذا الكتاب المختص بإضاءة جانب ثقافي واجتماعي للحياة في الجزيرة العربية يهدف للرجوع إلى الحقيقة المدعومة بالأدلة الموضوعية لا الرأي القائم على الهوى والمبالغة، ويعد ثمرة من ثمرات قراءات سمو أمير منطقة الرياض، رئيس مجلس إدارة دارة الملك عبدالعزيز، الناقدة والفاحصة لموضوعات عدة في تاريخ المملكة العربية السعودية.
وكان صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، أمير منطقة الرياض، رئيس مجلس إدارة دارة الملك عبدالعزيز قد حسم في فترة سابقة نقاشا صحفيا دار حول دلالة كلمة (العوجا) في نخوة آل سعود وأهل العارض في نجد التي ابتكرها آل سعود قبل بداية قيام الدولة السعودية الأولى بأنها تعود لمدينة الدرعية مستدلا سموه بأبيات شعرية معروفة ومشهورة لشعراء تلك الفترة التاريخية حين قيام الدولة السعودية الأولى، وبمعرفته الشخصية للمعنى من خلال حياته مع والده الملك المؤسس مستدلا بالأدلة القطعية، ليأتي هذا الكتاب الجديد توسعا في موضوع بحث الدلالة وفتح المسار لبحوث أطول تعتمد التوثيق الموضوعي المستند على أدلة واضحة لا على التخرص والتناقل دون تمحيص وتحقيق.
واستهل الكتاب الذي أعده السماري وأصدره مركز توثيق الأسرة المالكة بدارة الملك عبدالعزيز في باكورة إصداراته العلمية بالإيضاح الإعلامي لأمير منطقة الرياض، حيث جاء رأي سموه المدعم بالأدلة الشعرية بأن المقصود بالعوجا هو الدرعية وليس شيئا آخر. وقدم السماري بعد ذلك المدلولات اللغوية لكلمة العوجا من بطون المعاجم العربية وكتب التفاسير.
وسرد الباحث في الجزء الثالث آراء الباحثين المختلفة التي تطرقت لمدلول الكلمة، ومنهم خير الدين الزركلي، والشيخ عبدالله بن خميس ومقال في صحيفة أم القرى قبل أكثر من 80 عاما، وعضو مجلس دارة الملك عبدالعزيز عبدالرحمن بن سليمان الرويشد، وعبدالله بن محمد الخيال.