رفض المتظاهرون في ميدان التحرير بيان نائب الرئيس المصري اللواء عمر سليمان حول تشكيل لجنة دستورية يناط بها تعديل المواد 76 و77 و88 من الدستور الخاصة بانتخاب الرئيس، وقالوا إنها لا تستجيب لمطالبهم، وساروا مساء أمس بتظاهرة حاشدة إلى مقر مجلس الشورى القريب من الميدان.

ويسعى النظام من خلال التنازلات التي يقدمها، للارتكاز على خطة لاحتواء الاحتجاجات المتصاعدة تقوم على سحبها إلى لجان لبحثها وتفعيلها من جهة، ومواصلة "الحوار" بين نائب الرئيس وبعض قوى المعارضة والمحتجين من جهة أخرى.

في غضون ذلك، حث نائب الرئيس الأميركي جو بايدن نظيره المصري عمر سليمان أمس على تحقيق انتقال منظم للسلطة يكون "فوريا وذا مغزى وسلميا وشرعيا". كما دعا أيضا إلى رفع فوري لقانون الطوارئ، وتوسيع الحوار.




واصل النظام المصري أمس تقديم المزيد من التنازلات التي بدأها منذ اندلاع ما يطلق عليها "ثورة الشباب" بميدان مصر، وأصدر الرئيس حسني مبارك قرارا جمهوريا بـ "تشكيل لجنة دستورية يناط بها تعديل ثلاثة مواد من الدستور، ووضع أي تعديلات أخرى مطلوبة" وسط احتشاد مئات الألوف من المحتجين بميدان التحرير، ومدن مصرية أخرى، في يومهم الخامس عشر مطالبة برحيل مبارك.

وبدا أن النظام المصري يرتكز على خطة لاحتواء الاحتجاجات المتصاعدة تقوم على سحبها إلى لجان لبحثها وتفعيلها من جهة، ومواصلة "الحوار" بين نائب الرئيس اللواء عمر سليمان وبعض قوى المعارضة والمحتجين من جهة أخرى.

وقال سليمان إن الرئيس مبارك أبدى ترحيبه بالوفاق الوطني الذي نتج عن حوار القوى المصرية ،وشدد على ضرورة "مواصلته والانتقال به من الخطوط العريضة لما تم الاتفاق عليه إلى خريطة طريق واضحة بجدول زمني محدد تمضي بمصر على طريق الانتقال السلمي والمنظم للسلطة في إطار احترام الشرعية الدستورية".

وأضاف سليمان "تنفيذا لما تم التوافق عليه بين أطراف الحوار وقع الرئيس قرارا جمهوريا بتشكيل (اللجنة الدستورية) التي ستضطلع بتناول التعديلات المطلوبة في الدستور، ومنها المواد 76، 77، 88، بجانب ما تقتضيه من تعديلات تشريعية مصاحبة.

وتتشكل اللجنة، التي يترأسها رئيس محكمة النقض، رئيس مجلس القضاء الأعلى المستشار سري صيام، من شخصيات مستقلة وحكومية، تتمثل في النائب الثاني لرئيس محكمة النقض المستشار أحمد محمود مكي، وأساتذة القانون الدستوري أحمد كمال أبوالمجد، ويحيى عبدالعزيز الجمل، وإبراهيم درويش ، بالإضافة إلى نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا محمد عبدالعزيز الشناوي، والنائب الأول لرئيس محكمة النقض كمال محمد محمد نافع.

وظلت المادة 88 هي المطلب الضروري للقوى الوطنية، وتنص في صيغتها الحالية على إجراء انتخابات مجلس الشعب تحت إشراف قضائي وقضت المحكمة الدستورية العليا عام 2000 بأن تجرى الانتخابات العامة تحت إشراف قضائي كامل. وتطالب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني ببقاء الإشراف القضائي الكامل باعتباره من أفضل وسائل منع الانتهاكات والمخالفات التي تشوب الاقتراع في مصر، ويرى محللون أن الإشراف القضائي على انتخابات مجلس الشعب عام 2005 كان وراء ارتفاع عدد المقاعد التي شغلتها جماعة الإخوان المسلمين إلى 88 مقعدا في المجلس.

وضج ميدان التحرير بالآلاف بعد ظهر أمس في "أسبوع الصمود" الذي دعت إليه قيادات "الثورة"، واتخذت بعض الحشود شوارع جانبية لإقامتها بعيدا عن التزاحم الشديد.

وبدأ الميدان يشهد عشرات الوجوه الجديدة من الشخصيات العامة، والفنانين وكبار المثقفين، وظل الحديث الآثر بين الجموع المتلاحمة، إطلالة المستشار السياسي لرئيس الجمهورية الدكتور أسامة الباز على الميدان مساء أول من أمس، وحديثه الودود، ومطالبته لهم بالثبات، حتى تحقيق جميع مطالبهم.

وفيما رهنت قيادات مظاهرة ميدان التحرير، قبول الحوار مع النظام، بضرورة تنحي الرئيس مبارك أولا، طالبت حركة "كفاية" وحزب العمل المجمد جماعة الإخوان "بضرورة "الالتزام بالإجماع الجماهيري، وعدم شق الصف بالتفاوض إلا بعد سقوط مبارك".

وقال المنسق العام للحركة أمين عام حزب العمل مجدي حسين "ما كان لقيادة الإخوان أن تشارك في هذا التفاوض المهزلة الذي لا يستهدف النظام منه إلا صرف أنظار الثورة عن هدفها الرئيس،عزل مبارك".

وكسر بعض أقباط مصر حاجز الخوف من تحذيرات كنيستهم بعدم مشاركة المتظاهرين، وطالبت مجموعة من الشخصيات البارزة بدمجهم في الحوار الوطني الذي بدأ مع القوى الوطنية.

وأصدر وزير الداخلية محمود وجدي قرارا أمس بالإفراج عن 34 معتقلا سياسيا، بعد دراسة وتقييم لمواقفهم. كما أفرج جهاز مباحث أمن الدولة مساء أول من أمس عن الناشط والمدير الإقليمي للتسويق بشركة "جوجل" وائل غنيم الذي اختطف عشية "جمعة الغضب" في 25 يناير الماضي.

وعلى مسار التحقيقات التي وعدت بها السلطات لوزراء ومسؤولين كبار في الدولة، اُخضع أمس وزير السياحة السابق زهير جرانه للتحقيقات في البلاغات المقدمة ضده للنيابة، والتي حملت تهما بالاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على المال العام، والإضرار العمد به والتربح لنفسه وللغير.

وكان جرانه قد توجه إلى النيابة بمفرده دون أن يصطحب معه محاميا، وطلب من النيابة تمكينه من الاطلاع على البلاغات للاستعداد للرد عليها في وقت لاحق، حيث ينتظر أن تبدأ النيابة تحقيقاتها معه خلال الأيام المقبلة.

وتوالت البلاغات التي تتهم وزير الداخلية السابق اللواء حبيب العادلي، بارتكاب الكثير من الجرائم، وتحميله المسؤولية عن تفجير كنيسة "القديسين" بالإسكندرية، وقتل المتظاهرين عبر إصدار أوامره مباشرة للضباط والجنود بإطلاق الرصاص الحي والمطاطي والخرطوش وإطلاق القنابل المسيلة للدموع عليهم في 25 يناير الماضي.


اللجنة الدستورية

• مؤلفة من رئيس مجلس القضاء الأعلى المستشار سري صيام، النائب الثاني لرئيس محكمة النقض المستشار أحمد محمود مكي، وأساتذة القانون الدستوري أحمد كمال أبوالمجد، ويحيى عبدالعزيز الجمل، وإبراهيم درويش، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا محمد عبدالعزيز الشناوي، والنائب الأول لرئيس محكمة النقض كمال محمد محمد نافع.

• ستضطلع بتناول التعديلات المطلوبة في الدستور، ومنها المواد 76، 77، 88، بجانب ما تقتضيه من تعديلات تشريعية مصاحبة.