أينما تجلس تجد من ينادي بالتغيير ويتحدث عن أخطاء الماضي والحاضر وآمال المستقبل، الكل يريد أن يرى خطوات التقدم في المنزل والشارع والمؤسسات والأمة بأكملها، والكل يقول إننا لا نعرف ماذا نأكل ولا نقود السيارة ولا نتعامل مع الزوجة أو الأبناء، ولا نتعلم ولا نحافظ على صحتنا ولا نتنزه ولا نسافر ولا نحافظ على رواتبنا ولا.. ولا..، الكل يحدد ويصف وينّظر ويقارن ويندد، يبدع الجميع في الكشف العام والتشخيص المبدئي، والتي لم يستفد من كل هذه الجهود في الغالب إلا ملاك قنوات الفضاء وشركات الاتصالات.
أعتقد في هذا الجانب أنه مثلما أن الصين أكثر شعوب الأرض استهلاكاً للأرز وجنوب شرق آسيا أكثر شعوب الأرض استهلاكاً للتوابل، فإن العرب أكثر شعوب الأرض استهلاكاً للكلام وإرهاقاً للحبال الصوتية. إن أطنان اللغة التي نفرّغها صباح مساء، لم تؤد إلا لتفريغ الطاقات والهمم في الهواء دون تنفيذ أفعال أو مشاريع عملية تبني وتحقق الآمال؛ لأن الإنسان لم يستطع تحمل المسؤولية فيجاهر وينادي بالقول وعند الفعل يجد آلاف المبررات التي تتيح له التنصل من التنفيذ. إننا بحاجة إلى حملة واسعة تحمل شعار "لا للكلام.. نعم للفعل"، وأن نجعل من خلالها الفعل هو اللازم والكلام هو المتعدي، بتبني أفكار ومشاريع التحول الإيجابي. ولا أطالب بأفعال وخطوات التغيير الخارقة التي تحدث التغيير بين عشية وضحاها، بل نريد قطرات من كل فرد تصب في نهر التقدم العام.