من العبث ألا نعترف كمجتمع وبكامل مؤسساته وأفراده بأننا لا نعاني من مشكلة وجود الفقر؛ أو أن يحاول بعض المسؤولين التنفيذيين تغطيتها بالإعلان عن مشاريع وقتية لا يستفيد منها سوى العشرات في ظلّ تزايد نسبة الفقراء خارج مكاتبهم! وتحدثهم عن مشاريع مع الأسف لا تتجاوز أدراج الموظفين في الوزارات المعنية بسبب البيروقراطية التي حتى الآن لا تجيد استعمال خدمة "البريد الإلكتروني" والحقيقة أن قيادة الدولة لم تقصر ولكن بعض الذين تُوكل لهم المهام هم المقصرون فعلا، فحلولهم لا تتجاوز مكاتبهم؟ فهل يخبرني أحد من فضلكم ماذا يفعل صندوق الفقر منذ ما يقارب عشر سنوات وفيه عشرة مليارات بحسب ما أتذكر؟! لماذا رغم وجود هذا الصندوق لم يعالج فقرالسعوديين؟ بل لماذا نسبة الفقر تتزايد؟

ما أتحدث عنه؛ يأتي بمناسبة تصريح وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور يوسف العثيمين في جريدة عكاظ وأعرف أنه سيقبل صراحتي برحابة صدر؛ وقد قرأت تعهده الأسبوع الماضي عبر عنوان لامع "الوزير يتعهد بقطع يد العوز والصندوق لم يفشل"! فهذا التعهد أدرك وكل العقلاء والوزير نفسه أنه لن يتحقق بهذه البساطة التي كتب فيها العنوان؛ فإن كانت الوزارة بحسب ما نشر تعمل على تأهيل بعض الفقراء لسوق العمل؛ فماذا عمن يعانون من ظروف المرض والاحتياجات الخاصة والأرامل والمطلقات من ذوي التعليم المحدود ممن لا يجدون مكانا في سوق العمل بسبب عدم اهتمام الوزارات الأخرى بهم؟ هل المعونة الشهرية التي تقدم لهم عبر الضمان الاجتماعي ستنهي معاناتهم مع الفقر؟! وربما المشاريع التي تقرها الوزارة عظيمة؛ ولكن ما فائدتها ونحن لم نقضِ أساسا على أسباب الفقر؟ إذ سيستمر خروج فقراء جدد لأننا لم نعالج الإشكال من الجذور! ومشكلتنا الأولى أننا نتعامل بأحادية مع الفقر، ودعونا نعترف أن هذه المشكلة لا يمكن أن تحلها وزارة الشؤون الاجتماعية وحدها؛ لأن الفقراء ليسوا فقط الأرامل والمطلقات أوالمعاقين ممن تهتم بهم بل يجب أن تتحد كافة الوزارات كوزارة العمل التي عليها تحدي البطالة كونها من أسباب الفقر؛ وأيضا وزارة الثقافة والإعلام ووزارة التخطيط ووزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي ووزارة الصحة! وهذه الأخيرة عليها عبء كبير، لماذا؟ لأن معاناة الأسرة في مرض أحد افرادها بمرض عضال كالفشل الكلوي والأورام الخبيثة مثلا؛ تستنزف جيبها مصاريف العلاج الباهظة التي تمتصها المستشفيات الخاصة دون رقيب أو حسيب في ظل تسيب وعجز مستشفيات وزارة الصحة لعدم وجود طاقة استيعابية تكفي حاجة المواطن اللجوء لمصاصي الدماء؛ ولا أنسى أهمية وزارة العدل ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف لمواجهة الفقر بقوانين وخطاب جديد يوقف هذا التخبط في زيجات "التك وي" دون سبب؛ لأنه من أكثر أسباب فقرنا؛ والله المستعان.