أنا لا أهتم كثيرا لمَصدَر الإشاعة، ومُصدّرها.. هذه تفاصيل لا تعنيني كثيرا.. أدرك تماماً أن الإشاعة تصدر ترجمة لأحلام أو طموحات وأماني المصدر.. وهؤلاء باقون، وإشاعاتهم باقية، ما بقيت أحلامهم وطموحاتهم في هذه الحياة الدنيا.
الذي يحزنني أن تجد هذه الإشاعات من يروّج لها.. ويهيئ لها المناخ التقني؛ لتطير وتنتشر وتبلغ الآفاق.
غني عن الذكر أن التقنية سلاح ذو حدين.. أوجدت وسائلها الحديثة ـ كالهواتف الذكية ومواقع التواصل في الإنترنت ـ بيئة خصبة لانتشار الشائعات بشكل غير مسبوق على مر العصورـ لم تعد الإشاعة اليوم بحاجة لبيئة يترابط سكانها بعلاقات أسرية وصداقات متشابكة ـ يكفي أن تطلق الإشاعة حتى يقرأها خلال دقيقة واحدة ـ دون مبالغة ـ مئات الآلاف من الناس.
السؤال الآن: كيف تغيب الفطنة والنظرة الثاقبة عن الإنسان العاقل فيضع نفسه دون أن يشعر جزءا فاعلا في هذه الكذبة أو الإشاعة ـ أيا كانت دوافعه؟!
ألا يفترض بالإنسان حينما يسمع خبرا ما، أن يعرضه أولا على عقله ويسأل نفسه: لماذا لم يصدر الخبر من مصدر رسمي إن كان صحيحاً؟
ألا يفترض بالإنسان العاقل أن يتحرى ويتثبت ويسأل قبل أن يروّج لهذه الأخبار التي تثير القلق والبلبلة بين الناس؟!
أقول ذلك لإيماني أنه لن يتم القضاء على الشائعات إلا من خلال الوعي وحده.. الوعي بوأد أي خبر من مصدر غير موثوق.. سواء أكان إنسانا له شخصيته الاعتبارية، أم متحدثا أو موقعا رسميا معتبرا.
مشكلة الإشاعات اليوم أنها أصبحت مصدر قلق ـ أو قل سلاحا فتاكاً ـ تسببت في المصائب، وتدخلت في حياة الناس الخاصة.. تميت فلانا، وتدخل فلانا المستشفى، وتعيّن فلانا، وتقيل فلانا.. وتزوّج فلانا.. وغير ذلك.
الإشاعة تتنافى مع المثل العليا والأخلاق النبيلة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: كفى بالمرء كذباً أن يحدّث بكل ما سمع.