كل مواطن ومواطنة نما وعاش وأخلص لهذا الوطن، وكل مواطن ومواطنة عاش أو سمع من أب أو جد أو قريب كيف كانت الجزيرة العربية وكيف كان الأمن والأمان وكيف كان الاقتصاد قبل توحيد مناطق وقبائل الجزيرة على يد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله؛ لا بد أن يقدر ويثمن الإنجازات والمدخرات الوطنية التي حدثت، والنقلة الفريدة والنوعية والتاريخية للمملكة، من لا شيء إلى كل شيء، وقطعاً لم يحصل هذا إلا بتوفيق الله ثم بقيادة القائد المحنك عبدالعزيز رحمه الله وجهود أبنائه ورجالاته المخلصين.
عند استرجاع واستعراض تاريخ الملك عبدالعزيز، لا بد من أن نذكر محاسن أبناء ورجالات الملك عبدالعزيز رحمه الله، على رأسهم سلطان، رجل دولة، قائد من طراز فريد، سلطان الخير، سلطان الحاضر معنا دائماً، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.
ليس من السهل حصر واستعراض خبرات ومساهمات ومشاركات ومبادرات سمو الأمير سلطان ـ الحاضر الغائب ـ القيادية والإدارية والخيرية والإنسانية، فالأمير سلطان رحمه الله ترأس عشرات اللجان الوزارية، من أهمها لجنة الإصلاح الوزاري، لاحقاً لجنة التطوير الإداري، وترأس لجان تحديد الحدود الجغرافية مع الدول المجاورة، وأعاد تأسيس الجيش السعودي وقيادات الدفاع بأنواعه البحري والجوي والبري على أحدث المعايير العالمية، وقاد معركة تحرير الكويت مع أخيه القائد الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله، كل هذه الأعمال والخبرات والإنجازات يشهد لها التاريخ والوطن، يشهد بما قام به الأمير سلطان من تضحيات لخدمة هذا الوطن المعطاء وأبنائه.
أما ما كان يقوم به الأمير سلطان رحمه الله – وما زال (عملاً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له) – فالقائمة طويلة والمستفيدون كثر. ولعل أبلغ وأكمل ما قيل عن الجانب الخيري لسمو الأمير سلطان ما قاله سمو الأمير سلمان حفظه الله عنه بأنه "مؤسسة خيرية" – أي الأمير سلطان رحمه الله، كما يروى ويتداول أيضاً بأنه كان يشكر ويدعو لمن يدله ويقترح عليه أعمالا خيرية ذات قيمة وخير كبير، وهي تنم عن عظم وطغيان الجانب الخيري في شخصية الأمير سلطان رحمه الله.
وليس من أبلغ وأصدق شهادة على مساهمات ومبادرات الأمير سلطان الخيرية مما ينقل عن شاهد على العصر، شاهد عاش ورأى بأم عينه ما قام به الأمير المعطاء من بذل وسخاء في سبيل مساعدة مريض أو محتاج دون كلل أو ملل، فخلال فترة حياتي العملية، تشرفت بالعمل في مؤسسة الأمير سلطان بن عبدالعزيز الخيرية وفروعها ومنها مدينة سلطان للخدمات الإنسانية، ورأيت بعيني ولم أسمع فقط، ولمست بنفسي ولم يذكر لي، عطاء ومشاركة لا محدودة من قبل الأمير سلطان رحمه الله في الأعمال الخيرية بأنواعها: التعليمية والصحية والسكنية والاجتماعية، أعمال شملت إنشاء مجمعات سكنية لذوي الدخل المحدود في جميع أنحاء المملكة، في جيزان وتبوك وغيرها من مدن ومناطق المملكة، مجمعات استفاد منها جمع من أبناء وبنات المملكة.
كما شملت مساعيه ومبادراته مشاريع إسلامية في شتى بقاع العالم من مساجد ومراكز إسلامية تعليمية، إضافة إلى إنشاء مدينة طبية تعنى بعلاج وتأهيل إصابات العظام والإعاقات بسعة (400) سرير إضافة إلى عدد من العيادات الخارجية وبتكلفة إنشاء فاقت المليار ريال – مدينة سلطان للخدمات الإنسانية، مدينة منذ رأيتها أول مرة في عام 2002، وبعد عودتي من الولايات المتحدة وما شهدته وعشته هناك من مدن طبية متقدمة مثل مجمع ومستشفى كلينك في ولاية أوهايو الأميركية، شعرت بالفخر والاعتزاز بوجود مثل هذا الصرح الطبي العالمي في بلدي الغالي من ناحية، وبحجم وحرص الأمير سلطان رحمه الله على بذل الغـالي والنفيس، دون تردد، ودون قلق على مال أو جـاه، كل هذا في سبيل مسـاعدة أبناء وبنات الوطن في جميع المجالات.
كان إنشاء مدينة الأمير سلطان للخدمات الإنسانية حلماً تحقق للأمير سلطان، حلم عاشه رحمه الله بعدما رأى وسمع عن مدن طبية مشابهة في أوروبا وأميركا، حلم حرص على تحقيقه لا لنفسه ولكن لمن يهتم بهم ويحرص على راحتهم وشفائهم، من أبنائه وبناته، أبناء وبنات الوطن.
على مدى أكثر من عقد من الزمن، قدمت مدينة سلطان للخدمات الإنسانية خدماتها، سواءً تلك المتعلقة بالعلاج والتأهيل طويل الأجل، أو بالعلاج من خلال العيادات الخارجية والعيادات المساندة لعدد كبير من أبناء وبنات الوطن. وفي أثناء ذلك كله، كان الأمير سلطان حريصاً ومتابعاً لما يحدث في المدينة الطبية للتأكد من توافر الخدمة الطبية المناسبة لمن يحتاجها، مع حرصه ودعمه المالي لجميع مصاريف المرضى الأكثر عوزاً، شاملة مصاريف التنويم والعلاج والتأهيل والمتابعة والمراجعة، ولبعد نظره وقدرته على قراءة المستقبل، أمر بإنشاء صندوق خيري لمعالجة المرضى، صندوق مالي يساهم ويدعم ويضمن استمرارية علاج المرضى ذوي الدخل المحدود.
مدينة الأمير سلطان للخدمات الإنسانية والمشاريع الخيرية الأخرى – وأيضاً تلك المستقبلية – التي قام على إنشائها ودعمها سمو الأمير سلطان رحمه الله، سوف تظل قائمة وشامخة، شاهدة على العصر، شاهدة حية على أعمال ومساهمات الأمير سلطان الخيرية.
كلنا، مواطنين ومواطنات، عاشوا وشاهدوا وسمعوا عن الجانب المضيء، الجانب الخيري لسمو الأمير سلطان، كلنا أمل ودعاء بألا يتوقف عطاء وبذل الأمير سلطان رحمه الله لأبنائه وبناته، حتى بعد وفاته رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، ولعل تحويل مؤسسة الأمير سلطان بن عبدالعزيز الخيرية إلى مؤسسة خيرية عالمية تعنى بالجانب الخيري الصحي فقط يساعد على إحياء وتخليد اسمه رحمه الله، بهذه المبادرة، بتوفيق من الله ثم بعمل أبناء وبنات الأمير (الحاضر الغائب) سلطان بن عبدالعزيز رحمه الله.