"سلطان الخير" لم يرحل عن الدنيا، ولن يغيب عنها. "سلطان الإنسانية" حي باق في الوجدان، وفي الشواهد، وفي أعماله التي لن تموت ولن تنسى ولن تدفن، وستبقى مدى الدهر، وعبر العصور والأزمنة، فأعماله الإنسانية سكنت قلوب الملايين، وبصماته الخيرة تشع من كل بيت على امتداد الوطن وخارجه، ومواقفه محفورة في ذاكرة أمة تتناقلها جيلا بعد جيل.

كم من طالب أعانه سلطان الخير حتى أكمل دراسته، وكم من أسرة فقدت معيلها فكان عائلها سلطان، وكم من مريض كان قد يئس من الحياة، فامتدت له أياديه البيضاء وقلبه الحنون ومؤسساته الخيرية، وكم من أسرة كانت تفترش الأرض وتلتحف السماء فمنحهم الأمير سلطان مسكناً يأوون إليه، وكم من صدقة جارية وعلم ينتفع به الناس وولد صالح يدعو للأمير سلطان على امتداد العالم، وكم من عمل خير يقف شاهداً على عطائه، وكم من مؤسسات خيرية وإنسانية ستستمر في عملها باسم أمير الإنسانية، وكم.. وكم.. وكم.

من الصعب إحصاء مسيرة عطاء شخصية مهمة شامخة مثل الأمير سلطان، فهو من قبيلة الأشخاص الذين لا تعلم يسراهم ما أنفقت يمناهم، فكيف لمتابع أن يرصد ما فشلت في رصده يد سموه، رسم الله على محياه الابتسامة، وقدر له البشاشة في السراء والضراء، كرس جهده وماله ووقته وصحته لخدمة الإسلام والوطن والمواطن.

مثل هذا الرجل لا يمكن أن يموت... وأعماله تمتد من بيت إلى بيت ومن منطقة إلى أخرى ومن دولة إلى دولة، ومن قارة إلى قارة، أمثال هؤلاء ممن تركوا إرثاً ضخماً يعاصر كل الأجيال، ويستقبل كل المواليد، هم من يحق لنا أن نقول فيهم، "كذبوا فما أنت الفقيد ولم تكن... بل أنت حيٌّ في القلوب إلى الأبد". فالمؤسسات الخيرية التي أنشأها ستواصل الأعمال التي كان يشرف عليها بنفسه، وأمير الإنسانية يفتخر به الوطن، لأن كل أعماله صدقة جارية، وكثير من مشاريعه علم ينتفع به الناس، وجميع فقراء ومساكين وأرامل وأيتام بلادي أولاد صالحون سيدعون له.

إن القلب ليحزن والعين لتدمع ولا نملك إلا أن نقول: إنا لله وإنا إليه راجعون. ونسأل الله له الرحمة، والمغفرة بقدر ما قدم لوطنه ومواطنيه، وبقدر ما فرج من كرب، وما أقام من مشاريع خيرية وما أعتق من رقاب.. نسـأل له الرحمة والمغفرة.