خرج مئات الآلاف من المصريين في تظاهرات سلمية أمس مطالبين الرئيس مبارك بالتنحي فيما عرف بـ "جمعة الرحيل"، فيما تظاهر آلاف آخرون مطالبين ببقاء الرئيس حفاظاً على الاستقرار، في وقت تسارعت فيه فعاليات عديدة لاتخاذ ترتيبات تتعلق بفترة انتقالية لما بعد مبارك.

وتصاعد الحديث حول احتمالات قبول المعارضة بأن تكون هناك فترة انتقالية تدير فيها الحكومة الحالية برئاسة أحمد شفيق الأمور في مصر. وتباينت الفترة الانتقالية ما بين ستة أشهر وعام.

ومن جهته، رفض رئيس الوزراء المصري أحمد شفيق المقترح الأميركي بضرورة التغيير الفوري للسلطة في مصر. وقال شفيق في تصريحات له أمس إننا "لو سألنا الشعب المصري في تصويت شامل في أنحاء مصر، فإن أكثر من 95% من الشعب المصري سيصوت لصالح استكمال الرئيس حسني مبارك لفترته الرئاسية والتي تنتهي بعد 6 أشهر".

وأشار شفيق إلى أن "الوقت ضروري لإتمام التعديلات الدستورية التي أعلن عنها الرئيس، وتنفيذ أحكام محكمة النقض فيما يتعلق بعضوية بعض الدوائر بمجلس الشعب"، مضيفاً أنه "عندما يتحقق ذلك نكون قد أنجزنا إجراءات إصلاحية كبيرة بشكل حضاري يتناسب مع طبيعة الشعب المصري".

وفاجأ وزير الدفاع المشير محمد حسين طنطاوي، المحتشدين في ميدان التحرير، وتبادل حديثا قصيرا معهم، ساعيا إلى تهدئتهم وخاطب بعضهم قائلا "يا جماعة الرجل قال لكم إنه لن يرشح نفسه مرة ثانية".

من جهته، اقترح الدكتور محمد البرادعي، الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية ورئيس الجبهة الوطنية للتغيير، أن تكون هناك فترة انتقالية لمدة سنة تدير فيها الحكومة الحالية الأمور في مصر بعد أن يعلن مبارك تنحيه عن السلطة وتهيىء لإجراء انتخابات في هذه الفترة في ظل رقابة دولية ولجنة قضائية مستقلة. وقال إن "الإخوان لا يريدون تحويل نظام الحكم إلى نظام ولاية الفقيه" مضيفا أن "هذه حجج عبثية".

من جانبه أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، أنه مستعد للعب دور في المرحلة الانتقالية في مصر، مضيفا في تصريحات له "أنا تحت تصرف بلدي بالتأكيد، لكننا سنتابع التطورات السياسية. أنا على استعداد للخدمة بصفتي مواطنا له الحق في الترشح".

ولم يستبعد عمرو موسى أيضا إمكانية المشاركة في حكومة انتقالية محتملة، معربا عن رغبته في حصول "إجماع وطني".

وقال إنه "لا يعتقد" أن مبارك سيغادر البلاد"، مضيفا "أعتقد أنه باق حتى نهاية أغسطس".

وكان مكتب الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى قد ذكر أنه قام بزيارة للمتظاهرين أمس في ميدان التحرير سعيا للتهدئة وليس للمشاركة في المظاهرات حسبما تردد بمجرد ظهوره في الميدان.

وكان البيت الأبيض قد ذكر أنه يجري حاليا مناقشات مع شخصيات مصرية بارزة لضمان انتقال سلمي فوري ومنظم للسلطة، وقال تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" إن أحد الخيارات المطروحة الاستقالة الفورية للرئيس مبارك وتسليم السلطة إلى مجلس دستوري من ثلاثة أشخاص. ولم ينف المسؤولون الأميركيون هذا الخيار، لكنهم أكدوا على وجود خيارات أخرى قيد الدرس، وأن جميع القرارات لا بد أن تصدر من الشعب المصري.

وعلى صعيد الأوضاع الأمنية تمكنت أجهزة الأمن بالتعاون مع اللجان الشعبية من القبض على 40 شخصا من جنسيات مختلفة بينهم فلسطينيون وسوريون كانوا في طريقهم بأحد الأتوبيسات القادمة من محافظة دمياط متجهين إلى ميدان التحرير وبحوزتهم منشورات للقوى السياسية الموجودة هناك وكميات من الأغذية والمياه وتم تسليمهم إلى القوات المسلحة. وأشار شهود عيان، في تصريحات إلى "الوطن"، إلى مقتل اثنين في الاشتباكات التي جرت من أجل إلقاء القبض على تلك العناصر، فيما تمكنت الأجهزة الأمنية، التابعة لوزارة الداخلية، من إلقاء القبض على شخصين يحملان الجنسية الأفغانية، أثناء استقلالهما إحدى سيارات الأجرة المتجهة لميدان التحرير وبحوزتهما العديد من الأدوية المتنوعة داخل حقيبة متوسطة حيث اعترفا بأنهما كانا في طريقهما لتوصيلها للمتظاهرين داخل ميدان التحرير.

يوم الوفاء

بالمقابل أطلقت الأوساط الموالية للرئيس مبارك شعار "يوم الوفاء" في إشارة إلى تمسكهم بالرئيس المصري حتى نهاية ولايته الخريف المقبل، إلا أنه لم يعلن عن أي تجمعات أو تظاهرات لهم كما حصل الأربعاء الماضي.

وقال أحد قادة المتظاهرين الموالين لمبارك طالبا عدم ذكر اسمه إنهم سيكتفون بالتجمع في ميدان مصطفى محمود في حي المهندسين.

ولم يشاهد سوى عشرات من مؤيدي مبارك في منطقة قريبة من ميدان التحرير عند كوبري 6 أكتوبر حيث أقام الجيش منطقة عازلة لمسافة 150 مترا تقريبا انتشرت فيها نحو عشر مصفحات ودبابات.

وقبل ساعات من بدء تظاهرات "جمعة الرحيل" كتبت صحيفة نيويورك تايمز أن الولايات المتحدة تبحث مع مسؤولين مصريين استقالة مبارك فورا ونقل السلطة إلى حكومة انتقالية برئاسة نائب الرئيس عمر سليمان.

وكتبت نيويورك تايمز نقلا عن مسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما ودبلوماسيين عرب، أن الخطة المطروحة والتي تقضي بقيام حكومة انتقالية برئاسة سليمان تهدف إلى الحصول على دعم الجيش المصري.