يتجنب البعض التشبيه بين صدام حسين والقذافي في نهايتهما المذلة ومسيرة حكمهما لشعبيهما المليئة بالدكتاتورية والظلم والاستبداد. لكن المشهد بحاجة إلى مزيد من التدقيق لإيضاح الفرق ووجه الشبه بين الحالة العراقية والليبية.
الغرب وقف مع النظامين وسكت عن وحشيتهما عقودا، بل مد يده لهما لتوقيع العديد من الصفقات السياسية والتجارية، ثم انقلب عليهما في طرفة عين.
كلاهما صدام والقذافي تشبثا بعرش السلطة واستخدما شعارات نارية لتأجيج مشاعر شعبيهما للدفاع عنهما. كلاهما سهل صراعهما مع شعبهما التدخل الخارجي وبرره، فعملية التغيير في العراق وليبيا جرت على يد القوات الأجنبية، ولا حاجة هنا لمزيد من اللت والعجن للحديث عن أهداف الغرب.
كلاهما فرح شعباهما بتصفيتهما عام 2003 وعام 2011 ورقصوا وغنوا واحتفلوا لسقوطهما. في المقابل هناك سيناريو مرعب يخشى من وجه التشابه فيه بين العراق وليبيا. يتمثل في الانتقال من حرب داخلية إلى فوضى قبلية أو مذهبية أو حزبية، فجميع الشعارات المطلقة في العراق وليبيا لتأسيس دولة جديدة لم تستند صراحة على قاعدة قانونية لتحقيق الديموقراطية والحرية، ولا ضمان لنجاحها ونقلها من مرحلة الثورة إلى مرحلة الدولة.
ما يحصل الآن في ليبيا ( كما حصل سابقا في العراق) هو الاتجاه إلى معركة سياسية لا توافق فيها. والمخاوف تزداد من هجمات انتقامية للموالين للقذافي مع انتشار آلاف الشبان المسلحين العاطلين عن العمل. إنها حلقة مفرغة تحتاج إلى وقفة لأن يكون الشعب والسلطة في ليبيا ضمن رؤى موحدة تسعى لاتخاذ خطوات إصلاحية حقيقية وشاملة، تبتعد عن الأحلام والوعود.