"ليس من شاهد كمن سمع" هذا المثل ينطبق بحذافيره على سكان الجانب الشرقي لحي بني مالك الشعبي المجاور لأرقى فنادق جدة، وهو الحي الذي هجرته الخدمات وتخلت عنه الفرق التطوعية، فلا تكاد تدخل إلى بني مالك العفوي حتى تصادفك أكوام من القمامة والمخلفات وبعض أثاثات ملوثة بمياه السيل، كما يشاهد القاصي والداني الصورة القاتمة لفوضى منازل عشوائية جمعتها أزقة ضيقة لشوارع ترابية وعتبات بيوت متهالكة.

ورصدت كاميرا "الوطن" الكثير من السكان المتضررين من الذين هجروا منازلهم والتحفوا السماء بعدما داهمت مياه سيول الأربعاء منازلهم، كما رصدت معاناة أهالي الحي.

شكوى

إمام مسجد النور بحي بني مالك أحمد عبدالله جابر، كشف عن تجاوز الفرق التطوعية والجهات الرسمية دعم الحي، وتجاهلها حاجة المتضررين، وأضاف أن بعض الجهات المسؤولة أغفلت القيام بدورها في معالجة مصائب السكان، مؤكدا أن تكدس أكوام القمامة كان بسبب السيول التي ارتفعت داخل الشوارع وأغرقت المنازل نظرا لوقوع الحي في واد للسيل، وهذا جعل المياه تتجمع فيه وتحاصره حتى أغرقت أغلب منازل الجزء الشرقي للحي.

وأشار إلى أن شباب الحي تكاتفوا وأنقذوا الكثيرين من الغرقى بسياراتهم واستطاعوا تكوين فرق إنقاذ شعبية من المواطنين والمقيمين الذين ساهموا في تنظيف المساجد وعملوا على تسيير حركة المرور في الشوارع الجانبية.

وقال إننا وضعنا خطة عاجلة لدعم الأسر المنكوبة، ولكننا مازلنا نعاني من إغفال وإهمال بعض الجهات المسؤولة، مؤكدا حاجة السكان إلى الأغذية والفرش وأساسيات المنازل، مطالبا بفرق للنظافة وإبادة أسراب الذباب المتراكمة على جوانب الشوارع.

وأكد أن الحي تعرض لكارثة أكبر لمجاورته مصنع الأسفلت، حيث نقلت المياه الأسفلت الأسود وسحبته إلى داخل البيوت، وأفاد أن أكثر من 85% من السكان يعانون من نوبات ربو، وسوء تغذية. من جانبه قال المواطن خالد المطيري إنه يعيش في الحي منذ 35 عاما ولديه 18 من الأبناء والبنات، وأصاب السيل منزله بالضرر وأفقده 3 سيارات ودمر بيته بالكامل.

وذكر أن الحي كان في الماضي تسكنه طبقة من القبائل النازحة من قرى عديدة شكلوا منظومة واحدة ثم فوجئوا بهجرة جماعية للمواطنين، كما استوطنت العمالة المقيمة منازل الحي، وأصبح يؤوي مقيمون من جنسيات مختلفة. من ناحيته، قال فارس الحربي إنه قبل أيام باشرت 3 شاحنات محملة بالمفارش والأغطية، وتوقفت بالحي 10 دقائق ثم اختفت عن الأنظار بحمولتها.

متطوعات

ورصدت "الوطن" حملة من الجمعية الفيصلية تضم 10 فرق نسائية تشرف عليها الأميرة فهدة آل سعود، لتقديم المساعدة لأهالي الحي وسط حارات ضيقة لا تسمح بالمرور إلا لشخص واحد.

من جهتها، أكدت مديرة الجمعية الخيرية الفيصلية فوزية الطاسان أن الجمعية ترصد أعداد السكان وما يحتاجونه من مواد إغاثية، لافتة إلى أن بطء تحرك بعض الجهات المسؤولة هو السبب في سوء وضع السكان.

وقالت "لدينا أفكار درسناها وخاطبنا الأمانة لتدعمنا، ومنها تعيين شباب وأبناء تلك المناطق الموبوءة في فريق عمل لنظافة الحي برواتب مجزية".

وأضافت أنه بسبب الأضرار اللاحقة بسكان الحي سنضاعف فرقنا الميدانية من 12 إلى 24 فرقة، وستكون مع كل فرقة كاميرا لرصد متطلبات الحي بالصور، وسنسجلها ونعمل على مساعدة الأهالي في أسرع وقت.

مقيمة تلتحف السماء

وقالت أم عائشة وهي مقيمة تشادية إن السيل أغرق منزلها ولم تستطع الوصول إلى مراكز تسجيل الدفاع المدني، ففضلت العيش في جوار بيتها إلى أن يجف الماء بداخله.

وأضاف المواطن خلف الحربي أن السكان يشربون المياه الملوثة، حيث اختلطت مياه السيل بمياه الشرب، وأن كثيرا من البيوت غرقت بسبب المياه الجوفية.

إسكان 60 أسرة

وأفاد عمدة حي بني مالك عوض المالكي أن شكاوى السكان حقيقية، وأن الحي ينقصه الكثير من الخدمات ومعدوم النظافة، إضافة لتراكم المياه الآسنة داخل الشوارع مما يعيق الحركة ويمنع السكان من أداء الصلوات في المساجد.

وأشار إلى أن الحي يسكنه حوالي 10 آلاف شخص، يمثل السعوديون ما نسبته 70% والباقي من المقيمين الصوماليين والتشاديين والمصريين والباكستانيين، ويعاني من أضرار السيل كونه جغرافيا منحدرا.

وقال إن الدفاع المدني نقل 60 أسرة للشقق المفروشة، والآن هو بصدد حصر المساكن المتضررة وإعادة تأهيل خزانات المياه التي اختلطت بمياه السيل، مؤكدا أن اثنين من المصريين الساكنين بالحي توفيا في سيارتهما أثناء مداهمة السيل للحي.

"الوطن" حاولت الاتصال بوكيل أمين جدة للخدمات علي القحطاني للاستفسار عن شكاوى سكان بني مالك ولم تتلق أي رد، كما اتصلت بمدير عمليات النظافة المهندس محمد الغامدي إلا أن جواله كان مغلقا.