رأى عدد من الأزواج أن تشدد الزوجات في الممنوعات المنزلية وراء حالات هروب الأزواج، لممارسة الحرية خارج المنزل، وتجنبا للخلافات الزوجية، ويبحث البعض عن جماعة الرفاق والأصدقاء لقضاء الأوقات بعيدا عن تشدد الزوجات، مما يجعل الزوج يقضي أكثر من نصف يومه خارج المنزل بحجة العمل.
ويقول محمد الشمري "تحولت حياة زوجتي إلى مجرد صلاة وصوم وعبادة، وصارت تحرم أي شيء في المنزل، كالقنوات الفضائية والمكالمات التلفونية، فافتقد بيتنا المرح، وكأننا ثكنة عسكرية".
وأضاف محمد عسيري أن "المشكلة في فرض بعض الزوجات أسلوبا معينا للحياة في المنزل، ورفض أي محاولة للتجديد والتغيير، بدعوى التدين"، وقال "كلنا نطمح إلى المرأة المتدينة ذات الأخلاق التي أوصى بها ديننا الإسلامي، ولكن ذلك لا يعني أن تحاول أن تفرض هوية معينة لطريقة الحياة والتربية".
وترى منال الأحمري أن العديد من الموظفات وخاصة المعلمات يتباهين بقائمة الممنوعات التي يفرضنها على الأزواج، فواحدة تجبر زوجها على التدخين في الشارع قبل دخول المنزل، وأخرى تحرم الإنترنت في البيت، وثالثة تمنع القنوات الفضائية، وتكتفي بالقنوات الدينية، وخامسة تمنعه من الرد على هاتف المنزل، وسادسة تمنعه من مرافقتها إلى السوق وسابعة تمنعه من البقاء في المنزل عند تواجد صديقاتها، مشيرة إلى أن ذلك يؤدي إلى هجرة معظم الأزواج من صلاة المغرب إلى الساعة الواحدة ليلا هائمين في الاستراحات والمقاهي.
وقال رئيس قسم طب الأسرة والمجتمع بجامعة الملك خالد الدكتور خالد جلبان إن "تطرف المرأة في المنزل يأخذ شكلين، إما أن تتجه إلى الموضة والأزياء، والخروج من المنزل، وجماعة الصديقات والسهرات، غير مبالية بالأسرة، أو أن تتجه إلى التشدد، وتحريم كل ما يحدث في المنزل، وكلا الأمرين من الأشياء التي تؤدي إلى هجران الرجل للمنزل، واتجاهه للبحث عن أمور مريحة وحرية خارجه".
وأضاف أن"السلوك المتطرف جهة اليمين أو اليسار يرجع إلى جماعة الصديقات، ووجود أيديولوجية معينة لطريقة الحياة والتصرف مع الزوج، وللأسف يتم تبادله ما بين الزوجات، أو أنه قد يكون نتيجة لمشكلة نفسية انعكست على كرهها للحياة، والبحث عن الآخرة والزهد في الدنيا، إضافة إلى بعض الأجواء التي تفرضها بعض رفقة العمل مثل المعلمات وأدلجة الحياة بطريقة معينة وتبعا لاتجاه معين".
وقال جلبان إن "عدم وجود توافق بين الزوجين في أسلوب الحياة داخل المنزل يؤدي إلى هجران أي منهما للمنزل، ويؤدي ذلك إلى صراع بينهما يحاول كل منهما فرض رأيه في طريقة حياة الأسرة، مما يؤثر سلبا على الأسرة وعلى الأطفال، ويكون الصراع في البداية عبارة عن أفكار، ومحاولة فرض كلا الزوجين للفكرة، وعند عدم اقتناع الطرف الآخر بها يؤدي ذلك إلى الهروب من المنزل".
وأكد الدكتور جلبان على أهمية الاعتدال والوسطية في منهج التربية والتعامل بين الزوجين دون إفراط أو تفريط، وهو ما دعانا إليه ديننا الإسلامي بالاعتدال في الدين وفي التعامل وفي العلاقات الأسرية.
وأشار الداعية الدكتور عبدالله الجفن إلى أن "المرأة في الإسلام موصاة بأمور أربعة يجب أن تراعيها، حتى تنال الجنة، وهي تتلخص في قوله صلى الله عليه وسلم " إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحصنت فرجها وأطاعت بعلها دخلت من أي أبواب الجنة شاءت "، وقوله " أيما امرأة ماتت وزوجها راض عنها دخلت الجنة ".
وذكر الجفن أن "المرأة عليها أعباء كبيرة ينوء بحملها أعتى الرجال من الحمل والولادة والإرضاع، وهي مسؤوليات جسيمة يجب أن تركز المرأة عليها، مع الحفاظ بما أمرها به الله من الفروض التي تدخلها الجنة، فالإسلام رتب للمرأة وضعها، وكانت السيدة عائشة تصوم في فترات غياب رسول الله في المعارك والحروب ".
وأضاف أن "الإسلام منظومة متكاملة، والعبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه"، مشددا على أهمية الموازنة في العبادة بعدم المغالاة والزيادة، وتكريس فكر المرأة لطاعة زوجها فيما لا يغضب الله، وفي رعاية بيتها وأولادها، والقيام بالمهام المناطة بها، وعدم الانصراف عنها، حتى لا يؤدي ذلك إلى نشاز حياتها وحتى لا يتعرض سقفها الاجتماعي إلى الخلل والتأثير سلبا على حياة الأسرة.
وذكر أستاذ علم الاجتماع الديني بجامعة الإمام محمد بن سعود الدكتور منصور العسكر أن "تشدد المرأة أصعب من تشدد الرجل، كونها أما وربة منزل، وقريبة من الأطفال والأسرة، ولقد لاحظنا ظاهرة تشدد بعض الزوجات وأثرها في هجر العديد من الأزواج للمنزل".
وأضاف أن "المرأة يجب أن تدرك واقعها، وأن تخرج من عالم المثاليات إلى عالم الواقع، وأن تتفهم رغبات الأبناء والزوج، وأن تكون مدركة لحجم التغيير الذي لحق الحياة العامة، والذي يتطلب مرونة وذكاء في التفكير، وبناء ما يسمى بالحصانة الذاتية في نفس الزوج والأبناء".
وقال العسكر إن بحث المرأة عن المثالية في حياتها قد يجبرها على فرض بعض القوانين وخاصة المرأة العاملة، والتي تتشكل وجهة نظرها من خلال العمل ومجتمع الصديقات، بما يجعلها تتبع غيرها،. فالمرأة بتكوينها العقلي والنفسي والعاطفي والاجتماعي عاطفية وسهلة التأثر بما حولها.
وراهن العسكر على ذكاء المرأة في حل هذه المعادلة، وفي الحفاظ على بيتها وزوجها بالاعتدال والوسطية والنقاش والتفهم وغرس الوازع الديني ومحاولة لمّ شمل الأسرة.