هل تحلم ببيت؟ سؤال دعائي باهت شاهدته يوماً يعتلي عمارة ما بمكان لا أذكره، حمل توقيع بنك أعرفه أنا ومجموعة من المواطنين المتورطين به جيداً، حينها حاول المارد بداخلي ـ والذي أحاول منذ سنوات إطلاقه ـ أن يجيب عليه. قلت بنفسي: المهم أن ينطلق من داخلي، أن يفعل شيئاً، لأني أشعر بأنه لو استمر خامداً فسيجلب لي مصيبة رمادية. جلس بجانبي قبل أن يقول لي: أنت كائن منزوع المشاعر، بل وأشك بتعاطيك عقاقير تخلع منك الرحمة وتجعل منك إنساناً يلقي بالأسئلة المتعجرفة دون تقدير، هل تسخر مني بسؤال كهذا؟ هل تعي ما تقول، كيف لك أن تخرجني منك بهذه الطريقة ثم تسألني بفم معوج: هل تحلم ببيت؟ حاولت تدارك ما "هببت" لكنه قاطعني: اسمع .. نعلم كلانا أني مارد يفعل أشياء تصنف فيزيائياً بكونها خارقة، لكنّ هذا لا يعطيك الحق بتوريطي بأحلامكم السعودية منتظراً منّي أن أساعدك بها، هذا كثيرٌ يا رجل. طوال سنوات لم أتزحزح من داخلك رغم محاولاتك المضنية لإطلاقي لكي لا أتعرض لأسئلة معجزة كهذه، أنت لا تعلم حجم الخيبة التي صفعتني بها، كيف لا وأنا المارد الذي تحمّل تفاصيل أيامك المثيرة للشفقة، ثم الآن وببساطة تمارس عليّ ما يفعله بك إقطاعيو الأراضي من ظلم. حسناً، ها أنا خرجت.. بربك قل لي ما الذي ستستفيده، هل كنت منتظراً مني أن أنشئ لك بنكاً يرحمك بتمويل لا يصل لربع قرن ولا يبتلع نصف راتبك خلال تلك الحقبة التاريخية من حياتك؟ أو أن أقنع المالك بأن المبلغ الذي يحصده منك نهاية كل سنة مبالغ به بالنسبة لشقة تشبه كوخاً بجدران؟
المهم الآن سأعود لمكاني وإياك أن تقلق راحتي بحكاياتك المتأزمة التي لا طاقة لي بها. إياك أن تفعل، وأنت حر بإطلاق المارد المقترض داخلك، أو المارد الذي ينتظر الصندوق العقاري، أي شيء يشغلك عن إزعاجي، تشرفت بك.. مع السلامة.