بعكس الضجة الإعلامية التي زاملت جملة (توكل على الله) من لسان الأمين، لم أجد صباح الأمس، كلمة واحدة تجاه كمين الموظف الذي كشفته هيئة الأمر بالمعروف متلبساً في عملية ابتزاز لمنسوبات في التعليم واستغلالهن مادياً بغية إقامة علاقات مشبوهة معهن بعد أن يوهم ضحاياه بأنه سيؤمن لهن مناصب إدارية مرموقة مثلما سيثبت المتعاقدات منهن بعقود رسمية وسينقل من شئن إلى مدارس قريبة من منازلهن. وكل هذه المترادفات المشينة بعاليه من (نون النسوة) يرتكبها الفاعل بضبط الهيئة الموقرة وتأكيد الناطق الإعلامي للشرطة ومع هذا تمر الحادثة الضخمة على الإعلام والكتاب ومواقع التواصل الاجتماعي بلا حراك أو أثر. صارت كلمة (توكل على الله) من موظف لمواطن أكثر أهمية واهتماماً من أفعال الابتزاز والاستغلال والعلاقة المشبوهة، ومن التورط في وعود فساد إداري من موظف سيقبض ثمن أتعابه من خلف الستارة. وكل الذي أؤكد عليه أن جملة (توكل على الله) من لسان الأمين ومن حركة يديه كانت خاطئة ولكنها لا تساوي (شيئا) بجوار الابتزاز والاستغلال ومحاولات العلاقة المشبوهة.
ومن يقرأ ردة الفعل الجارفة على الكلمة الخاطئة للأمين سيظن بلا شك أن موظفي جهاز الدولة ومسؤولي إداراتها المختلفة يستقبلون المواطن بكوب من الليمون البارد ولهذا (صُفع) القوم من جملة كسرت سيرة التعامل المثالي الذي نلقاه في المجمع الحكومي. ومن يقرأ أيضاً، هذا السكوت الغريب على امتهان وابتزاز (نون النسوة) سيظن على العكس أن ما حصل من الموظف آنف الذكر، ليس إلا سلوكاً يومياً استمرأه الجميع، ولهذا لم يعد في القصة ما يثير حفيظة الإعلام ويشحذ همم الكتاب للتعليق على هذه الخطيئة. وحين أؤكد أن في كلا الحادثتين ما يخدش ذائقة العمل الإداري، بقدر ما ألفت النظر إلى خطورة الانتقائية في ترتيب أهمية القضايا التي نكتب عنها لأن في تراتبيتها ما يشكل الوعي المجتمعي العام. تأملوا الفوارق ما بين (توكل على الله) وبين الابتزاز والعلاقة المشبوهة لتحكموا على الاستحقاق.