يستقصي الروائي عبدالحفيظ الشمري في عمله الجديد "شام .. يام" واقع المرأة في محيطها المحلي والخليجي حينما يهاجمها وبلا هوادة في تفاصيل الرواية على لسان الراوي، فيصف الشخصية المحورية الثالثة في العمل "شيهانة الصقر" ليجعلها منطلقاً حاداً للهجوم على واقع المرأة، بل يكشف من خلال العديد من الصفحات البعد الحسي لتجاوز كينونة المرأة المحافظة إلى ما وراء هذه الهالة الداكنة من الأخبيه.
فيستشعر من وراء هذه الهيولا نشوء حالة عكسية يصحبها تمرد مبطن يوحي بالنهم الحسي والشره المادي والصعود حتى على أكتاف الرجل ممثلاً بزوجها "عرج شهلا" وهو الشخصية الهامشية التي أراد لها الكاتب الشمري أن تكون شاهداً على فظاعة التجاوز عند المرأة عندما تأخذ حقوقها كاملة غير منقوصة، أو كما تقول شيهانه: إنني انتزعتها وتعني الحقوق والحرية من براثن الأسد .. أي الرجل!!
صورة المرأة في رواية "شام .. يام" للشمري صارخة وتكشف البعد الدلالي لمهام المرأة حينما تسند لها إدارة الحياة المادية والمعنوية، ليجد القارئ للرواية أن ثمة صراعا بين حياة المرأة باعتبارها أنثى تبحث عن الكفاف والعفاف وبين أخرى متمردة على جميع العوائق والمثبطات حتى إنها لا تجد بداً من كشف أمر التسيد والظهور وأخذ الحقوق وإثبات وجودها بكل طريقة وعلى أي شاكلة.
تنتقد الرواية وبمواربة حاذقة الواقع الذي قد ينشأ حينما تصبح المرأة سيدة المكان والعمل والمنزل لا بوصفه بيت الأسرة الصغير إنما بالقصر المترامي حيث تدير "شيهانة الصقر" البطلة أو الشخصية المحورية الثالثة شأنها بطريقة تظهر بعض ما يراه الراوي عيوباً قد تثير في الذات مكامن الأسئلة عن كنه الدور الذي يمكن أن يكون للمرأة في إدارة الحياة والمجتمع.
سهام نقد رواية الشمري للمرأة جاءت في سياق السرد المتأني والراصد لكل تفاصيل حكاية المرأة في البيئة المحلية أو الخليجية على نحو صولات وجولات "شيهانة" وربيباتها لاسيما حينما تكون المادة ممثلة بالمال والأنوثة الطاغية في حضورها لتتعاضد في هذا السياق السردي الشيق صور تحولاتها فتكوّن هذا البعد الاستشرافي لعلاقة المرأة بالرجل حينما تكون الصورة غير نمطية، أي أن المرأة هي من يفترض فيها رعاية حقوق الرجل والإشراف على كل تفاصيل حياته.
فالسؤال الذي يمكن أن نوجهه للروائي والكاتب عبدالحفيظ الشمري لماذا تصبح المرأة حقل اختبار أو بيئة تجارب في روايته "شام .. يام" وما قبلها من أعمال روائية وقصصية؟! ولماذا هذا النقد اللاذع لفرضية أن المـرأة ستكون قاسية أو متجاوزة في رسم تفاصيل حياتها حينما تكون صاحبة قرار؟!
فهل تصبح المرأة إشكالية في هذه الرؤية حينما يدور الهاجس الرجولي حول مدى مطابقة الواقع لما تقول عنه استعادة للحقوق من برثن الأسد أو يد الرجل الذي شاغلها كثيراً ونجح في كشف القليل من سيرتها؟