لم تحتمل جبال شرق جدة 111 مليمترا من كميات الأمطار التي تساقطت عليها لثلاث ساعات متتالية الأربعاء الماضي، ففاضت مياهها قاصدة البحر، وعابرة الشوارع الرئيسية التي تتجه من شرق جدة إلى غربها قاطعة 13 كيلو مترا.
وبحسب سكان أحياء شرق الخط السريع بجدة، فإن واديين كبيرين هما من أغرق المحافظة، فالوادي الأول هو "مريخ"، الذي اتجهت مياهه الطينية القادمة من الجبال نحو سد "أم الخير" الذي لم يحتمل كمياتها الكبيرة، فانهار تاركا المياه الغزيرة تعبر أحياء النخيل والنسيم باتجاه المطار القديم ونفق الملك عبدالله والرويس حتى وصلت البحر الذي يبعد عن سد أم الخير قرابة 13 كيلو مترا.
وأفاد كل من ناصر السهلي، ومحمد قاضي، ونايف الزهراني، شهود عيان يسكنون مخطط النخيل، بأنهم كانوا فوق سد أم الخير، ولما رأوا المياه بدأت تتجاوز السد من الأعلى، نقلوا أبناءهم وسياراتهم من الحي إلى أحد المرتفعات المجاورة، ورصدوا بأعينهم الكميات الكبيرة التي اجتاحت منازلهم، بعد انهيار السد، قاصدة أحياء النسيم والمطار القديم.
وأكد سمير الحربي من سكان حي النسيم، أنه وجيرانه فوجئوا بكميات هائلة من المياه تغزو الحي بعد انقطاع الأمطار مباشرة، وتجرف السيارات، وتدهم المحلات التجارية، متجهة نحو البحر، مرورا بالمطار القديم، ونفق الملك عبدالله الذي ما إن وصلته مياه سيل وادي مريخ، لم يعد قادرا على استقبالها لامتلائه بالكامل، مما حدا بالمياه للاتجاه إلى البحر.
وتبقى العلامة الفارقة، في أمطار الأربعاء الماضي، جريان وادي بني مالك وسط جدة، لأول مرة منذ 40 عاما، حسب شهادات كبار سن من سكان حي "بني مالك" القديم وسط جدة.
وأوضح عزيز المالكي، الذي تجاوز عمره 70 عاما، ويسكن وسط حي بني مالك، أنه يعرف هذا الوادي منذ أكثر من 40 عاما، عندما قدم إلى جدة، وأن هذا الوادي يعتبر أكبر أودية جدة المنحدرة من الجبال، واختفت معالمه قبل 30 عاما، عندما طاله البناء والتخطيط، وعبره شارع فلسطين من الشرق إلى الغرب.
وبيّن أنه عندما رأى مياه السيول تجرف جميع السيارات، عابرة شارع فلسطين باتجاه البحر، يوم الأربعاء الماضي، تأكد أن هذا هو وادي بني مالك، وهذه مياهه التي لن تتحول عن طريقها مهما وضع أمامها، متذمرا من إهمال أمانة جدة لهذا الوادي في خططها الأخيرة التي تستهدف وقف مياه السيول عن المحافظة.
وفي الوقت الذي تعجب فيه سكان أحياء شارع فلسطين، والحمراء، وطريق المدينة من كميات المياه التي جرت على طول شارع فلسطين، متسائلين عن مصدرها، أكد المالكي أن هذه مياه وادي بني مالك الكبير، التي جرت من جبال شرق جدة، ودهمت مقر حلقة الأغنام القديمة، وقطعت طريق الحرمين، وجرت مع شارع فلسطين باتجاه البحر.
وطالب المالكي، بوضع هذا الوادي ضمن أولويات الأمانة عند دراسة الأودية، والبحث عن حلول جذرية لإعادة الأرض إلى طبيعتها، وفتح مجرى الوادي أمام المياه التي إن استمرت على وضعها الراهن، فلن تجدي معها أية حلول.