باتت "القاهرة" في عزلة عن العالم الخارجي أمس بعد قطع خدمات الإنترنت واتصالات الهاتف المحمول بشكل تام وخدمات "البلاك بيري"، من قبل شركات المحمول الثلاث العاملة في مصر "موبنيل"، و"فودفون" و"اتصالات". ومازالت ثورة الغضب تلقي بظلالها السلبية على الأوضاع الاقتصادية في مصر بشكل متسارع للغاية، لتشمل مجالات اقتصادية عديدة أبرزها البورصة التي تكبدت خسائر طائلة لم تشهدها على مر تاريخها، بالإضافة إلى البنوك التي رصدت اليومين الماضيين عمليات تحويل كبيرة من قبل الأجانب لودائعهم إلى بلدان أخرى، وسط أنباء عن اتجاه بعض من رجال أعمال مصريين باتخاذ نفس الإجراء.

وكذلك قطاع السياحة إذ تم رصد إلغاء لعدد من الحجوزات السياحية من بعض الدول، كما امتد التأثير السلبي أيضاً إلى "الصادرات"، إذ اشترط المصدرون الأجانب من جميع أنحاء العالم، الحصول على قيمة بضائعهم نقداً من الموردين المصريين بدلاً من قبول فتح اعتمادات مستندية من المستوردين المصريين.

وذكرت مصادر مصرفية تحدثت إلى "الوطن" أن هناك شريحة كبيرة من الأجانب أقبلت على سحب ودائعها بالفعل وتحويلها إلى بلدان مجاورة، وكذلك الأمر لدى بعض من رجال الأعمال المصريين الذين قاموا بدورهم بتحويل بعض من أموالهم إلى الخارج. وقال مدير إدارة السندات وأذون الخزانة مصطفى العسال إن المستثمرين الأجانب أقدموا على التخلص مما بحوزتهم من أذون خزانة مصرية بشكل كبير للغاية خلال الأربعاء والخميس الماضيين ليبلغ إجمالي مبيعاتهم نحو 13 مليار جنيه، متوقعاً تضاعف قيمة البيع غداً موعد بدء تعاملات الأسواق في مصر.

من جانبه قال رئيس الاتحاد العربي للاستثمار المباشر هاني توفيق لـ"الوطن" إنه تلقى تعليمات مؤكدة تفيد توقف الموردين إلى مصر من جميع أنحاء العالم خلال اليومين الماضيين، عن قبول فتح اعتمادات مستندية من المستوردين المصريين ومطالبتهم بقيمة السلع نقداً خوفاً مما ستسفر عنه حالة القلق والتوتر التي تمر بها مصر حاليا.

ومن جانبه قال رئيس الاتحاد المصري للغرف السياحية أحمد النحاس إن الاتحاد رصد بالفعل بعضا من التراجع في أعداد السياح الأجانب الوافدين إلى مصر، منذ يوم الأربعاء الماضي، مشيراً إلى أن الحالات التي تم رصدها من جميع الجنسيات إلا أنه لم يكشف عن الرقم الفعلي لأعداد التراجع في السائحين أو العروض التي تم إلغاؤها مشيراً إلى أن الأمر يحتاج إلى الخروج بأرقام واضحة.

وفي سياق متصل أكد مصدر مسؤول في البنك المركزي المصري لـ"الوطن" أن البنك يراقب أوضاع الجهاز المصرفي عن كثيب مشيراً إلى أنه لا توجد حتى الآن أية انعكاسات سلبية كبيرة جراء التظاهرات لافتاً إلى أن التأثيرات تتمثل في استثمارات الأجانب في أذون الخزانة والسندات المصرية وتمويل عملياتهم من البورصة عبر البنوك المحلية والأجنبية، كما أنه لا توجد قيود جديدة على عمليات التمويل بخلاف الضوابط الموجودة من قبل والتي يتعامل معها البنك المركزي.

وقال الخبير الاقتصادي الدكتور محمد حجازي لـ"الوطن" إن الأحداث الجارية في مصر ستكون لها تأثيرات سلبية خطيرة على الاقتصاد بشكل عام، مشيراً إلى أن سعر صرف الجنيه المصري بدأ في الانخفاض بنحو حاد، منذ الثلاثاء الماضي ليهبط بنحو 2% في يومين أمام الدولار الأميركي متوقعاً مزيداً من الانخفاضات للجنيه في حال عدم وجود رد فعل من الحكومة المصرية على التظاهرات سواء إيجابيا أو سلبيا.