من الواضح أن برنامج "الاتجاه المعاكس" الذي يقدمه فيصل القاسم على قناة الجزيرة يعاني الأمرين في اختيار ضيوفه خاصة من بلدان "الربيع العربي"، فالتوازن يقتضي وجود ضيف يمثل النظام وآخر يمثل المعارضة. ويقول إن الأول لن يأتي إلى فضائية يتهمها النظام بالتآمر ضده إلا بموافقة النظام، وأما الثاني فقد تصيب الرمية وقد تخيب. وعموما يصعب استقطاب "نجوم" المعارضة لأنهم لن يضعوا أنفسهم بمواجهة مدفع اتهامات ممثلي الأنظمة، ليضطر القائمون على البرنامج للبحث عن شخوص الصف الثاني والثالث من المعارضة، وبعضهم يفتقد أدوات الحوار، مما يجعل البرنامج يهبط بسويته، وقد يهبط كثيرا كما حدث الثلاثاء الماضي في حلقة "المجلس الوطني السوري" التي شارك فيها كل من المفوض السياسي لحركة التغيير الشعبي في سورية د. وائل الحافظ من المعارضة، وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة دمشق د. بسام أبوعبدالله من الموالين لنظام بلده.

من يتأمل في صفة كل ضيف يتوقع أنه سيشاهد حوارا راقيا يثريه، غير أن الحلقة لم تكد تبدأ حتى انطلقت الشتائم من ممثل النظام، فاستهجنها المعارض خاصة أنها صادرة عن أستاذ جامعي فرد عليه بـ"احترم نفسك"، والسجون مصيركم.. وصعق المعارض حين سمع الموالي يقول له (يا كلب).. فاستفسر غير مصدق، ويبدو أن القاسم أشار للمشتوم أن اسكت - فيما الكاميرا تأخذ "زوما" للشاتم - لنكمل الحلقة، فبلعها المعارض... لكن الحالة استمرت فاضطر المعارض للرد، وتلاحقت المفردات غير اللائقة:

الأستاذ الجامعي: "لن تكون إلا جرذا وستداس بأقدام الشعب، يا قذرين، يا عملاء، غبرة سباطي أشرف من رؤوسكم كلكم، كذابون، ساقطون، إلى مزابل التاريخ، تافه وسافل حقير".

المفوض السياسي: "كذابون، غبرة سباطي أشرف منك ومن عائلتك، أنتم من مزبلة وإلى مزبلة.."

ومع استمرار الصراخ قُطع البث، وانتقلت "الجزيرة" إلى مؤتمر صحفي لخالد مشعل. غير أن بقية الحفلة عرضت في الإعادة، وفيما الضيفان يتشاتمان، انتهى الوقت واضطر القاسم للتلويح بيده للمشاهدين ليختم قائلا: (السلام عليكم)، لأن الضيفين رفضا إيقاف سيل الإساءات لبعضهما والاستماع إليه.

باختصار، عدم بث البرنامج خير من إزعاج المشاهدين بحفلة شتائم.