حينما أتسلم رسالة بها أخطاء لغوية أو نحوية أو إملائية، فإنني أضيق بها ذرعا، وأقول: ويح الرجل، ألا يعرف أن العرب اتفقت على أن هكذا تُكتب هكذا وليس (هاكذا) وأن كلمة وِحْدَة تكتب هكذا بالتاء (المربوطة) وليست هكذا (وِحْدَت) بالتاء (المفتوحة) وإلا لضاعت العرب حتى يأتي عليهم يوم يكتبون فيه كلمة انتصارات خطأ هكذا (إنتصاراة) بالتاء (المربوطة) وهذه مفارقة غريبة.. وثمة من يشعرك بالمغص اللغوي حين تقرأ له عبارة يصف فيها أستاذه الذي علمه اللغة العربية بأنه من (العميان الكبار) حين ينعته بأنه من (الأكِفـّاء) بينما يقصد أن يقول: إنه من الأكـْفـَاء.

لكنني أشعر بحرج شديد حين يقرأ مقالي المصححُ اللغوي بالصحيفة؛ فيجدني كتبت شهر جمادى الآخرة خطأ هكذا (جمادى الثاني) وأخطاء أخرى أستحي من المصحح حين ينظرها، فأقول: كيف يصبر هؤلاء المصححون على أخطائي بينما تجري اللغة العربية النقية في عروقهم مجرى الدم لا يخالطها لحن، حتى إني لأشفق عليهم مني.. ولذا أتمنى ألا يجد المصححُ اليوم خطأ يضحكه (أظحك) الله سنه. (أتخيله الآن يضحك).

بيد أن السؤال الذي يدور في ذهني منذ زمن طويل ـ ويبعث على الضحك أيضاً ـ هو: أين تعلمت إيران قواعد اللغة الدولية، ومبادئ النحو الإسلامي، أم أن كل الذي قدرت على تعلمه وتفوقت فيه هو مقرر الإملاء الحاقد، فطفق يملي عليها كل دروس اللغة الشيطانية والنحو الأعمى؟!

لكنني ما ألبث أن أفتح رسالة أخرى لمرسل آخر حتى أجده قد وقع في أخطاءٍ من نوع آخر حين يقول: "لا تثق في رجلٍ كاذبٍ وإن صدقك" فأرد عليه، كيف أكذبه وقد صدق؟! فيقول: معذرة لقد أخطأت في كتابة السيناريو، أريد أن أقول: (لا تثق في شيطان وإن صدقك) فأرد عليه صابراً صبر المصححين: ولكن ماذا لو كان هذا الشيطان مسلماً سبق له أن استمع إلى ما أنزل على محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فآمن به، فيرد قائلاً: ولكن هذا الشيطان لم يعلمه أحدٌ (لغة) العرب بعد!