دعا الرئيس الأمريكي باراك أوباما نظيره المصري حسني مبارك إلى إجراء إصلاحات "مهمة للغاية" مما يكثف الضغوط على حليف مهم للولايات المتحدة يواجه احتجاجات في الشوارع.
وفي أول تعليق له بعد 3 أيام من الاحتجاجات في مصر حرص أوباما على أن يتجنب أي إشارة إلى تخليه عن مبارك لكنه أوضح تعاطفه مع المتظاهرين الذين قال إنهم يعبرون عن "إحباطات مكبوتة" لعدم حدوث تغيير ذي معنى.
ورغم أن أوباما وصف مبارك بأنه "متعاون جدا في سلسلة من القضايا الصعبة" فقد بعث برسالة صريحة إلى الرئيس المصري حتى يستمع إلى أصوات المحتجين المطالبين بحقوق ديمقراطية أوسع بعد عقود من الحكم المطلق.
وقال أوباما ردا على أسئلة جمهور على شبكة الانترنت عبر موقع يوتيوب "كنت أقول له دائما إن التأكد من المضي قدما في الإصلاح -الإصلاح السياسي والإصلاح الاقتصادي- مهم للغاية من أجل مصلحة مصر على المدى البعيد."
وعلى الرغم من نبرتها الثابتة بدا أن الإدارة الأمريكية توازن بين رغبتها في الاستقرار الإقليمي ودعمها للتغيير الديمقراطي وعزمها على تجنب ظهور حكومة إسلامية مناهضة للولايات المتحدة في القاهرة قد تتحالف مع إيران.
وقال روبرت جيبز المتحدث باسم البيت الأبيض للصحفيين "هذا ليس اختيار بين الحكومة والشعب في مصر, الأمر لا يتعلق بالانحياز لأي طرف."
وعبرت الخارجية الأمريكية عن قلقها لتقارير أفادت بقطع الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي في مصر.
وكتب جيه.بي كراولي المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية رسالة عبر موقع تويتر في وقت متأخر من يوم الخميس "نحن قلقون لقطع خدمات الاتصال ومن بينها الانترنت والإعلام الاجتماعي وحتى هذه الرسالة عن مصر."
وموقعا فيسبوك وتويتر وسيلتان مهمتان للاتصال بين المحتجين في مصر. وقال موقع تويتر يوم الأربعاء إن الحكومة المصرية تحجب خدماته لليوم الثاني على التوالي وإن "حركة استخدام الموقع تضاءلت إلى حد كبير."
وحث أوباما الحكومة المصرية والمحتجين على ضبط النفس وقال إن العنف ليس هو الحل. وأضاف "من المهم جدا أن تكون لدى الناس آليات من أجل التعبير عن شكاواهم المشروعة."
وذكرت الخارجية الأمريكية أن وزيرتها هيلاري كلينتون شددت على بعض هذه النقاط عندما تحدثت مع نظيرها المصري أحمد أبو الغيط أمس الخميس.
وفي إشارة أخرى على حذر واشنطن تجاه ما يحدث في مصر قال جو بايدن نائب أوباما ردا على سؤال حول حكم مبارك في مقابلة مع قناة (بي.بي.اس) "لن أشير إليه على أنه دكتاتور."
واتهم نشطاء مدافعون عن حقوق الإنسان الإدارات الأمريكية المتعاقبة بأنها تتبع نهجا متراخيا جدا إزاء انتهاكات الحقوق في مصر.
لكن مسؤولا أمريكيا بارزا قال إن إدارة أوباما تسعى الآن للسير في مسارين حيث يتواصل دبلوماسيون أمريكيون مع مسؤولي الحكومة المصرية ومع نشطاء مطالبين بالديمقراطية للحث على حوار سلمي من أجل الإصلاح.
وجاءت تصريحات أوباما في يوم اشتبكت فيه الشرطة المصرية مع متظاهرين وعاد فيه محمد البرادعي المصري الحائز على جائزة نوبل والذي يدعو للإصلاح إلى مصر. وزاد عدد القتلى في الاحتجاجات إلى 5.
وعلى الرغم من هذا قال جيبز إن حكومة مصر "مستقرة".
ومنذ توليها السلطة قبل عامين سعت إدارة أوباما جاهدة في بعض الأحيان لإحداث توازن بين دعمها دولا عربية معتدلة تقوم على الحكم المطلق وتعتبر مهمة للمصالح الأمريكية وبين السعي لزيادة الحريات السياسية من ناحية أخرى.
ومصر مثال لهذه المعضلة فالولايات المتحدة تراها محورا لصنع السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين في المستقبل وحصنا أمام نفوذ إيران في المنطقة.
ونادرا ما يمتثل مبارك للضغط الأمريكي على أداء حكومته وقال مسؤول أمريكي كبير إن من السابق لأوانه الحديث عن وقف المساعدات للضغط على مصر.
ومازالت المشاعر المناهضة لواشنطن متأججة في الشارع العربي على الرغم من تواصل أوباما مع العالم الإسلامي وجهوده للحد من العداء الذي سببه قرار سلفه جورج بوش غزو العراق عام 2003 . كما أن الإدارة الأمريكية تريد أن تتجنب الانطباع بأنها تتدخل أكثر في المنطقة.