استعد المصريون ليوم الجمعة الغاضب، فيما شهدت مدينتا الإسماعيلية والسويس اشتباكات أمس، وارتفع عدد ضحايا المواجهات إلى 7 قتلى وجرح 55 في عدة مناطق، كما تم إحراق مراكز للحزب الحاكم في السويس.
وأعلن القيادي المعارض محمد البرادعي أنه مستعد في حال طلب منه الشعب أن "يقود مرحلة انتقالية" في مصر.
أما الحزب الحاكم فرد على التحركات الشعبية بالقول "إن مطالب الناس فوق رؤوسنا، وهناك تكليفات للحكومة بحل عدد من القضايا"، لكنه حذر من استغلال قوى سياسية للتظاهرات من أجل "تغطية فشلها السياسي". ونفى القيادي في الحزب الوطني صفوت الشريف هروب أي مسؤول مصري.
ولم تقف كرة الثلج عند حد ما يجري في مصر، فقد تواجهت المعارضة والسلطة في اليـمن وجها لوجه في الشارع في إطار سياسة "كسر العظم" بين الطرفين لتأكيـد قـوة كـل طـرف. وحتى لا تتم سرقة الانتصار الذي تحقق في تونس، تظاهر آلاف الأشخاص في شوارع سيدي بوزيد مهد "ثورة الياسمين" للمطالبة باستقالة الحكومة الانتقالية التونسية، مرددين "لا لسرقة الثورة، نعم لإسقاط الحكومة". فيما أعلن محمد الغنوشي الذي أبقي عليه في مهامه كرئيس للوزراء في تونس، مساء أمس عن تركيبة جديدة للحكومة الانتقالية استبعد منها وزراء فريق بن علي من المناصب الأساسية (الخارجية والداخلية والدفاع والمالية).
وتم تعيين أحمد ونيس وزيرا للخارجية، وفرحات الراجحي وزيرا للداخلية، وعبدالكريم الزبيدي وزيرا للدفاع، وجلول عياد وزيرا للمالية.
تراجعت حدة التظاهرات التي شهدتها مصر منذ الثلاثاء الماضي، بعد إجراءات احترازية واعتقالات قامت بها قوات الأمن، وانحسرت الاحتجاجات في بؤر محدودة بالعاصمة القاهرة، لكنها اتخذت طابعا حاداً في مدينتي الإسماعيلية والسويس شرق البلاد، وفي شمال سيناء. وزادت حصيلة التظاهرات التي تواصلت لليوم الثالث على التوالي أمس لتبلغ ستة قتلى، بينهم شرطيان، ومئات المصابين، فضلا عن نحو 1000 معتقل، وفق ما أفادت مصادر صحية وأمنية.
ورد الحزب الوطني الحاكم على الاحتجاجات عبر أمينه العام رئيس مجلس الشورى صفوت الشريف، الذي قال في حديث تلفزيوني أول من أمس "مطالب الناس فوق رؤوسنا، وهناك تكليفات للحكومة بحل عدد من القضايا"، لكنه حذر من استغلال قوى سياسية للتظاهرات من أجل "تغطية فشلها السياسي"، في إشارة إلى جماعة "الإخوان المسلمين".
وانتشرت قوات الأمن بكثافة وسط القاهرة، بعدما استطاعت إجلاء متظاهرين أرادوا البقاء معتصمين، وخلا سلم نقابة الصحفيين من المحتجين، لكن سلم نقابة المحامين في منطقة رمسيس شهد تظاهرة ضمت العشرات. وبدا أن الوضع أكثر حدة في محافظة السويس حيث تمركز المئات من المتظاهرين في شارع الجيش ووسط المدينة، وقذفوا الشرطة بالحجارة، ورد رجال الأمن بإطلاق القنابل المسيلة للدموع، بعد ليلة شهدت إضرام المتظاهرين النار في بناية حكومية، ومحاولة إحراق مقر للحزب الحاكم، وقيام البعض بأعمال سلب ونهب، أغلقت على أثرها المحال.
وفي الإسماعيلية المحافظة الواقعة على قناة السويس، ألقت الشرطة القبض على الناطق باسم جماعة "الإخوان" علي عبدالله وعشرات آخرين، قبل اندلاع اشتباكات بين قوات الأمن ومئات المتظاهرين. ومثل مئات المعتقلين أمام عدد من النيابات داخل القاهرة وخارجها أمس، ووجهت لهم تهم "تنظيم تظاهرات، والقيام باحتجاجات غير مشروعة، وتكدير السلم والأمن العام، وإثارة الشغب، وإتلاف ممتلكات المال العام"، فيما أخلى النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود سبيل العشرات من مقار النيابات. وفي شمال سيناء قطع متظاهرون الطريق الدولي العريش- رفح، وأشعلوا إطارات السيارات المحترقة، ورفضوا الانصياع لوساطات قبلية استهدفت احتواء تظاهراتهم.
وكثفت قوات الأمن المصرية إجراءاتها الاحترازية، وواصلت تمركزها في المناطق الحيوية استعدادا لاحتمال تجدد التظاهرات على نطاق واسع اليوم عقب صلاة الجمعة، خصوصا بعد إعلان عودة المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية والمرشح الرئاسي المحتمل محمد البرادعي للبلاد لـ"يشارك في التظاهرات" وفق ما أكد شقيقه علي البرادعي. وأبلغ البرادعي أنصاره عبر موقع "تويتر" بضرورة "مواصلة ممارسة حقنا في التظاهر السلمي لاستعادة حريتنا وكرامتنا.. والعنف سينقلب ضد النظام". وأعلن المعارض من فيينا أمس أنه "مستعد في حال طلب منه الشعب ذلك، أن "يقود مرحلة انتقالية" في مصر".
ولم يظهر الرئيس حسني مبارك ولا نجله جمال أمين سياسات الحزب الحاكم علنا حتى الآن لإعطاء تقييم للموقف، لكن الحكومة المصرية تلقت ردود فعل دولية مطمئنة. وتلقى مبارك اتصالا أمس من نظيره الليبي العقيد معمر القذافي، أعرب فيه الأخير عن ثقته في قدرة مصر على "الحفاظ على الاستقرار وحماية ما حققه الشعب من مكتسبات". ونقلت وسائل الإعلام المصرية التابعة للدولة تصريحات وزير التنمية الاقتصادية الإيطالية باولو روماني التي قال فيها إن بلاده تعتبر مبارك "أحد أهم عناصر الاستقرار في الشرق الأوسط".