ما قامت به إيران من تخطيط لاغتيال السفير السعودي في أميركا خطيئة لا تغفر، والرد عليه ضروري.

وبحسب إذاعة إن بي آر الأميركية فإن حكومة الولايات المتحدة بصدد فرض المزيد من العقوبات على إيران وستتجه إلى مجلس الأمن لتدويل هذه العقوبات. ولكنها أضافت أن السعودية تعتزم الرد على إيران بطريقتها الخاصة. الإذاعة الأميركية تكهنت بأن هذه الطريقة هي: "باستخدام السعودية لطاقتها الإنتاجية الفائضة من النفط لدفع أسعار النفط نزولاً. فالاقتصاد الإيراني ينتج بكامل طاقته في الوقت الحالي، وهو في أمس الحاجة إلى العوائد النفطية. أما السعودية فبإمكانها تحمل نزول الأسعار بالعوائد المحققة من الإنتاج الإضافي" بحسب رأي الإذاعة المستقلة!

حتى وإن بدا أن السعودية قادرة على استخدام النفط كرد، فإن هذا لا يلغي البعد الاقتصادي الباهظ التكلفة. صحيح أن زبائن إيران والسعودية النفطيين هم الآسيويون فالإذاعة تضيف: "إن بإمكان السعودية مزاحمة إيران في أسواقها على الرغم من أن الكمية اللازمة للتأثير على سعر النفط كبيرة جداً. وبالتالي فإن السعودية بحاجة إلى وقت طويل من الإنتاج بكامل الطاقة حتى تؤثر على سعر النفط بشكل يقوض العوائد النفطية الإيرانية". وذكرت الإذاعة أيضاً: "إن إيران قد تلجأ في حالة وقوعها في فخ انخفاض عوائدها النفطية إلى تنفيذ تهديدها بإغلاق مضيق هرمز الذي تمر عبره 60% من إمدادات العالم النفطية". وهو ما سيؤدي حتماً إلى كارثة اقتصادية عالمية ومن المستحيل أن تفكر السعودية في إجراء قد يهدد الاقتصاد العالمي، وهي كانت أحد الداعمين الأساسيين له في أزمته الاقتصادية المستمرة حتى اليوم.

استخدام هذا المنهج يعني استنزافاً أسرع للثروة النفطية مع عدم وجود فرص استثمارية آمنة ذات عوائد مجزية. فمع اهتزاز الثقة في السندات الأميركية والعائد الحقيقي السلبي الذي تحققه عند إضافة التضخم؛ لن يكون في مصلحتنا تحويل مخزوننا النفطي إلى ودائع تدعم الاقتصاد الأميركي. وبالتالي فإن تكلفة هذا "التكهن" الاقتصادية باهظة الثمن، خصوصاً على الأجيال القادمة، ولا يتوافق مع سياستي الدولة الداخلية والخارجية. وقامت الإذاعة بوصف إيران بأنها الراعي للمذهب الشيعي في حين أن السعودية هي المتزعمة للمذهب السني. هذا الوصف يحمل حالة استعداء تتعدى بشكل فاضح الواقع السياسي. فهي تحاول التحريض على مثل هذه الحرب الباردة على حساب الاختلاف المذهبي. وما يفقد الإذاعة استقلاليتها في رأيها هذا هو أن المستفيد الأكبر من مثل هذه الحرب النفطية هي أميركا والدول الصناعية المتقدمة.

فالاقتصاد الأميركي يركز كامل جهده وطاقته على حل مشكلة البطالة تاركاً جبهة محاربة التضخم على الرغم من استمراره في الارتفاع. فمعدل التضخم الأميركي الأساسي الذي يستثني أسعار الوقود والمحروقات بقي ثابتاً في حين ارتفع معدل التضخم العام بنهاية أغسطس إلى 3.8%. وتخفيض التضخم سيتيح للاحتياطي الفيدرالي مجالاً أوسع للحركة في سياسة التخفيف الكمي التي ستصدر لنا التضخم كونها تخفض من قيمة الدولار والريال السعودي تباعاً.

لقد أكد وزير البترول الدكتور علي النعيمي قبل نحو أسبوعين أن سياسة المملكة النفطية هي تلبية لاحتياجات السوق، ما يقطع الطريق أمام مثل هذه الشائعات والتكهنات الجوفاء.