رسمت التغطية الصحفية بصورتها "المعبرة والمتميزة"، أحداث السيول التي اجتاحت محافظة جدة أول من أمس، فرغم الأوضاع المأساوية التي أعاقت زملاء مهنة البحث عن المتاعب، إلا أن "السبق المهني وصناعة الصورة الحقيقية"، كانت حاضرة وبقوة، في ظل التوازن المفقود بين الصحيفة الورقية والشاشة الفضائية من حيث التقدم التكنولوجي، إلا أن الأخيرة بما تملكه من أدوات مهنية على رأسها الصورة المتحركة الأكثر سحراً للمشاهدين، وبكل واقعية لم تستطع "صورة التلفزة" استثمار ذلك السحر، في تغطيتها المهنية لمجريات السيول، فبدت أكثر تقليدية من حيث زوايا الصورة والكاميرا، كما لو أن السيول حدث رسمي سنوي له بروتوكولات مهنية محددة من حيث شكل اللقطة ونوعية الطرح.
ولو أخذنا على سبيل المثال لا الحصر، تغطية قناة الإخبارية لما جرى، لرأينا صورا تلفزيونية تشوبها الحركية الإعلامية التي من أكبر وظائفها عملية تحليل الصورة والدلالات النفسية على الجمهور، وذاك ليس مختصاً أو محصوراً بالصورة المتلفزة، عن المطبوعة بل هو لسياق جميع الصور، والذي يؤكد ذلك الانطباع رسائل sms، التي تناقلتها أجهزة الهاتف النقال، عن "البحث عن أفضل تغطية متميزة قامت بها المؤسسات الصحفية"، ليس المقصود هنا الاستمتاع بالصور المأساوية أو المفجعة التي صاحبت السيول، بقدر ما هو تصوير تفاصيل ما يحدث على أرض الواقع لصناع القرار في سبيل محاسبة المقصرين، وهو ما شكلته بكل ووضوح الصورة الصحفية المطبوعة.
ولا يأتي أحد زملاء الشاشة الفضية ويقول "الظروف والأوضاع و..."، كلانا في الهوى سوا، إلا أن الفرق يكمن فيمن يؤدي مهنته ضمن معادلة صعبة لكنها ليست مستحيلة "عمل متقن + ظروف صعبة = جودة عالية".