تعطلت الحياة في جدة بعد أن شهدت هطول أكبر كمية من الأمطار في تاريخها المنظور، وحسب إفادة المتحدث الرسمي للرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة حسين القحطاني فإن كمية المياه في جنوب جدة تجاوزت 111 مليمترا، كما بلغت في شمال جدة 40 مليمترا، مسجلة أعلى نسبة خلال العقدين الماضيين، وهو ما أكده رئيس قسم الأرصاد بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور منصور المزروعي الذي قال: إن منطقة مكة تشهد حالة مناخية متطرفة. ودهمت السيول أحياء قويزة والجامعة والنخيل وأم الخير والنسيم والربيع والسامر والأجواد، حيث شهدت الأحياء الشرقية والجنوبية من جدة أكبر كمية من الأمطار والسيول المنقولة إثر وقوعها على طرق أودية جدة الـ6. وفشلت جميع الاستعدادات التي قامت بها الأجهزة الحكومية لمواجهة المياه نتيجة لغرق الطرق بسبب غزارة الأمطار وانقطاع الشوارع الرئيسية وازدحامها بالسيارات المتعطلة والأشجار المقتلعة والأسقف المعدنية بفعل العواصف الرعدية مما عطل عمليات الإنقاذ. وبدت الأحياء السكنية والشوارع وكأن طوفانا اجتاحها من جميع الجهات، وترك السكان الطوابق الأرضية بمنازلهم ولجؤوا إلى الأدوار العليا هربا من السيول الجارفة، كما غادر السائقون والركاب مركباتهم ولجؤوا إلى المباني القريبة، تاركين سياراتهم تواجه مصيرها المحتوم، كما أدى المصلون في المساجد صلاتي الظهر والعصر، والمغرب والعشاء جمعا وقصرا. وانقطع التيار الكهربائي عن معظم الأحياء السكنية، وتعطلت شبكات الاتصال الهاتفية، ونشبت حرائق عدة نتيجة تماسات كهربائية كان في مقدمها سوق حراء الدولي أحد أكبر المراكز التجارية بجدة، ونظرا لتعذر الاتصالات لم يتسن الحصول على أرقام لضحايا أو مصابين جراء العاصفة الممطرة، غير أن تقارير أولية بثتها إدارة الدفاع المدني تحدثت عن إجلاء أكثر من 110 أسر من مخطط أم الخير شرق المدينة، والذي اجتاحته سيول وادي مريخ الكبير. وطلبت قوات الدفاع المدني فرق مساندة من مكة والطائف للمساهمة في تخفيف الأضرار، كما شاركت فرق إنقاذ حرس الحدود في إجلاء المحتجزين في المناطق الأشد تضررا بأحياء شرق جدة مستعينة بأكثر من 12 قاربا مطاطيا، وأشارت تقارير إلى إجلاء نزلاء سجن بريمان بعد أن غمرت المياه عنابر السجناء.
وكانت إدارة مرور مدينة جدة قد سارعت بإغلاق طريق الحرمين الذي دهمته سيول أودية مريخ وقوس والسامر، حيث يعتبر الطريق هو الشريان الرئيسي للحركة المرورية بجدة، مما حدا بجامعة الملك عبدالعزيز إلى إغلاق معابر الخروج أمام الطلاب والطالبات وإجلائهم للأدوار العلوية بعد أن غمرت المياه الأدوار السفلية. وانتشرت فرق من الشباب الذين تطوعوا لإنقاذ العالقين من الأفراد والأسر وسط سياراتهم، وساهموا في عمليات تنظيم حركة السير لخروج السيارات من الشوارع التي شهدت كميات كبيرة من المياه وتوجيهها نحو المباني السكنية والتجارية المجاورة بعد أن وصل ارتفاع المياه إلى أكثر من متر تقريبا.
وأوضح المتحدث الرسمي للدفاع المدني بمنطقة مكة المكرمة الرائد عبدالله العمري أن معظم البلاغات التي تلقتها غرفة العمليات تطلبت الإنقاذ، مشيرا إلى أن الأمطار أثرت بشكل كبير على مناطق شرق جدة. وأكد انهيار الجزء الأوسط من سد مخطط أم الخير، ونقل شهود عيان أن المياه المتدفقة من السد اجتاحت مخطط النخيل وغطت الأدوار السفلية بالكامل واضطر معها السكان إلى اللجوء إلى الشقق المفروشة ووصلت بفعلها نسبة الأشغال إلى 100%.
وقال العمري: إن فرق الدفاع المدني تمكنت من إنقاذ 200 شخص من المواطنين المحتجزين في مخطط أم الخير وطريق الحرمين وشارع فلسطين وتم نقلهم بواسطة الطيران العمودي إلى قاعدة الدفاع المدني، ثم إلى مراكز الإيواء في الشقق المفروشة. كما تم إنقاذ 85 شخصا شرق جدة عبر القوارب المطاطية ونقلهم إلى مراكز أمنة. وحسب مدير عام ميناء جدة الإسلامي ساهر طحلاوي فإن الحركة الملاحية بالميناء توقفت منذ العاشرة صباحا أمس، فيما أعلنت هيئة الطيران المدني أن الحالة الجوية لم تؤثر على حركة الملاحة الجوية حتى مغرب أمس.