ينتخب السكان رئيس البلدية في أكثر من 90% من مدن العالم. هذا المنصب يعتبر سياسياً بامتياز.فرئيس البلدية مسؤول عن توفير الخدمات وتحديث المدينة.

كون الناس يختارون رئيس البلدية يجعله ملزماً أمامهم بتنفيذ وعوده، كما يجعلهم الحكام على أدائه، فيعيدونه للمنصب في الانتخابات القادمة أو يتخلصون منه ويبحثون عمن يحقق تطلعاتهم.

يختلف الأمر عندما يكون رئيس البلدية معيناً، فهو مسؤول عن الوصول لتطلعات من عينه، وهو بهذا يعمل لتحقيق تطلعاته، بالإضافة لمحاولة إرضاء الجمهور الذي يقع ضمن منطقة عمله.

حظيت ردة فعل أمين منطقة عسير المنفعلة تجاه مطالبات أحد المواطنين بنقاش وقراءات كثيرة في عدد من وسائل الإعلام والإنترنت، هذه القضية هي مثال لما سيواجهه كل مسؤول في عصر وسائل الاتصال الاجتماعي، والكاميرات الرقمية التي يحملها الجميع، والوعي المتزايد في المجتمع لمهام والتزامات المسؤول الحكومي.

كل مسؤول يواجه الجمهور أو يحاول أن يتجول في منطقة مسؤوليته سيكون عليه أن يضع كل هذه الأمور في الحسبان. قد يكون في حالة غضب أو يواجه مشاكل أسرية أو نفسية، لكن هذا كله لن يشفع له.

المواطن يريد مسؤولاً متمكناً ولبقاً وقادراً على التواصل معه بشكل يحترم إنسانيته وحقوقه.

هذا يُلزم جميع الجهات التي سترشح منسوبيها لشغل مناصب تهتم بالشأن العام؛ أن تعدهم إعداداً سليماً في مجالين مهمين هما: مهارات الاتصال، والوعي بالأمن الوطني.

مهارات الاتصال تعطي المسؤول قدرة على فهم النفس البشرية، يستطيع من خلالها تقويم الحدث والأشخاص وبناء علاقة غير ملموسة معهم، هذه العلاقة ترمي إلى كسب ثقة المتلقي وأخذه في الاتجاه المطلوب.

مهارات الاتصال تتكون من مجموعة من المواضيع المهمة. هناك البرمجة اللغوية العصبية، والإصغاء التفاعلي، ومواجهة الجمهور. التمكن من المهارات الأساسية في الاتصال يساعد المسؤول على أن يتحكم في أجواء الحديث، و يسيطر على حدة الآخرين.

تغيير وجهة نظر الطرف الآخر وجذبه نحو مفهوم أو رأي معين إحدى المهارات المتقدمة في هذا المجال، يتم ذلك باستخدام الاتصال المسموع وحركة العينين واليدين وحركة الجسم.

يتعلم المتدرب في البرمجة اللغوية العصبية كيف يترجم التعبيرات الجسدية للآخرين، ويتعرف على ما يفكرون فيه، وآرائهم حيال القضايا التي تطرح عليهم.

يمكن أن يتنبأ كذلك بردود الأفعال المحتملة لحادثة أو سلوك معين.

في حالة متقدمة من التأهيل في المجال، يكون المتدرب قادراً على أن يحفِّز الآخرين ليدافعوا عن وجهة نظر معينة بعد أن يتبنوها، هذا يسري على الموظفين كما يسري على الجمهور بشكل عام. القاعدة الأهم في تحقيق هذه المهارة هي تحجيم نقاط الاختلاف، وتضخيم المشتركات ومواطن الاتفاق بما يحقق الوصول لمبادئ يتبناها الطرفان. الهدف النهائي لمهارات الاتصال الفردي والجماعي، هو تكوين علاقة غير موجودة أو تحسين علاقة قائمة.

يختلف الناس في مدى تمكنهم من تحقيق أعلى درجات الإقناع والتأثير في الآخرين حتى بعد التدريب. يحكم المستويات عناصر أخرى تعتمد على الشخصية والمظهر العام والبيئة المحيطة.

نستطيع أن نلاحظ مدى اختلاف قدرات الناس في التأثير من خلال ملاحظة القادة السياسيين أو الدينيين.

هناك قادة يتمكنون من خلال خطاب أو كلمة من تغيير القناعات وقلب المفاهيم والتأثير على الناس لتحقيق ما يرغبون من نتائج.

التدريب في هذا المجال سيمكن المسؤول في الشأن العام من تحسين أدائه. سيجعله قادراً على التأثير على الآخرين، وضمان تعاطفهم معه. على الأقل، سيكون المسؤول محيطاً بما حوله من مؤثرات يمكن أن تحول الوضع من إيجابي إلى سلبي والعكس. هذا سيحقق كماً من القبول يحافظ على إيجابية النظرة تجاه المسؤول في أدنى المستويات.

يبقى أن نعرج على أهمية معرفة دور كل جهة في تحقيق الأمن الوطني والمحافظة عليه، فالقطاعات الحكومية تساهم بمختلف مهامها في تحقيق الأمن الوطني، لذا يجب أن يحصل المسؤول الذي يُراد تعيينه على تأهيل في مجال الأمن الوطني، أقل هذا التأهيل إلزام المتدرب بمعرفة الخطط العامة واستراتيجيات الدولة في مختلف المجالات، ودور القطاع الذي يعمل فيه في تحقيق الاستراتيجية الشاملة للدولة.

المواطن يتوقع أن يكون المسؤول مبتسماً، متقبلاً للنقد، وعاملاً للخدمة العامة.

هذا النمط من التفكير لابد أن يكون موجوداً لدى المسؤول نفسه، لأنه ـ وبغض النظر عن حالته النفسية ـ واقع تحت مجهر الصحافة والكاميرات وأجهزة التسجيل أكثر من أي وقت مضى، وهو مسؤول عن ضمان رضى المواطن وحماية أمن الوطن في مجاله.