تجددت المواجهات لليوم الثاني بين الشرطة المصرية ومتظاهرين في القاهرة وبعض المدن الأخرى بعد مظاهرات احتجاجية حاشدة للمطالبة بإصلاحات سياسية واقتصادية، قتل فيها خمسة أشخاص بينهم ضابط شرطة وأصيب العشرات، فيما بدأت النيابة العامة التحقيق في أكثر من محافظة مع أعداد من النشطاء الذين شاركوا في تلك المظاهرات.
واحتشد العشرات من المتظاهرين قبالة دار القضاء العالي بالرغم من قرار حظر التجمهر، أثناء قيام مجموعة من الشخصيات العامة والحقوقية بتقديم بلاغ إلى النائب العام للتحقيق في مقتل أربعة متظاهرين على يد الأمن. واتهم الإعلامي حمدي قنديل، والناشط جورج إسحاق، وقيادات حركة "كفاية"، ونشطاء في البلاغ الذي تقدموا به إلى النائب العام المستشار عبد المجيد محمود، وزير الداخلية اللواء حبيب العادلي، ومدير أمن القاهرة اللواء إسماعيل الشاعر، باستخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين مما أدى إلى مقتل 4 منهم، بالإضافة إلى اعتقال وإصابة العشرات.
وتضمن البلاغ اتهامات لوزارة الصحة بتسهيل تسليم المصابين إلى الشرطة، واتهام شركات الهاتف المحمول الثلاث العاملة في مصر، بقطع الخدمة عن المتظاهرين بمنطقة ميدان التحرير والمناطق المجاورة لها خلال المظاهرات.
ونجح العشرات من المتظاهرين أمس في اختراق الأطواق الأمنية، وسط مطاردات من الشرطة طالت بعضهم، وتجمعوا بالقرب من ميدان رمسيس، وبدؤوا في ترديد شعارات مناوئة للحكومة، وسارعت فرق مكافحة الشغب في اللحاق بهم وتطويقهم. كما تظاهر عشرات الصحفيين والمحامين أمام نقابتيهم، مرددين شعارات مناوئه. وتجددت المظاهرات في الإسكندرية وشمال سيناء، وشهدت محافظة السويس مسيرات غاضبة أثناء تشييع جثامين بعض ضحايا الاحتجاجات.
وأبقت السلطات المصرية على الوجود الأمني الكثيف في شوارع القاهرة وباقي المحافظات، تحسبا لاندلاع تظاهرات جديدة، بعدما لجأت في وقت متأخر من مساء أول من أمس، إلى تفريق آلاف المتظاهرين من ميدان التحرير بالقوة. وزادت الشرطة أمس من الإجراءات الاحترازية بتفتيش ذاتي لمرتادي مترو الأنفاق، واستطلاع هوياتهم الشخصية، والتعرف على وجهتهم.
وبرر مصدر أمني منطق السلطات الأمنية في استخدام القوة، قائلا "إن رد وزارة الداخلية جاء إزاء إصرار المتجمهرين على الاستمرار في تحركهم، وعدم الاستجابة للنصح والالتزام بالسبل القانونية". وأكد المصدر "أن الحصر المبدئي للإصابات من رجال الشرطة أسفر عن إصابة 18 ضابطا أحدهم في حالة فقدان وعي، وإصابة 85 من أفراد الشرطة توفي أحدهم، كما تعددت التلفيات العامة والخاصة بمناطق التجمهر".
وناشدت وزارة الداخلية "المواطنين نبذ محاولات المزايدة والمتاجرة بمشاكلهم وألا يغفلوا عن عواقب استثارة بعض البسطاء، ومحاولة فتح الباب لحالة من الفوضى، أو تصوير الأوضاع بالبلاد على هذا النحو. وبدأت النيابة أمس التحقيق مع من تم اعتقالهم من المتظاهرين. ويواجه من ألقي القبض عليهم في تلك الأحداث "تهم التجمهر ومقاومة السلطات وإتلاف عددد من المنشآت العامة والخاصة".
إلى ذلك أعلن الاتحاد الأوروبي أنه يجب على الرئيس المصري حسني مبارك "الاستماع" للمطالب الشعبية. وقالت مايا كوتسيانشيتس المتحدثة باسم منسقة السياسات الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون إن الاتحاد الأوروبي يرى المظاهرات الحاشدة التي انطلقت في العاصمة المصرية القاهرة "كإشارة على شوق الكثير من المصريين للتغيير عقب الأحداث في تونس". وأضافت "نعتقد أن السلطات يجب أن تستمع إلى مطالب أولئك المواطنين". ومن جهته أعلن وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيلي في برلين أن الحكومة الألمانية "قلقة جدا" للوضع في مصر وتدعو "كافة الأطراف إلى ضبط النفس" ونبذ العنف.