هطلت أمطار غزيرة ومتواصلة على أجزاء كبيرة من مناطق جنوب وشمال محافظة جدة، والسيول المنقولة دهمت طريق الحرمين شرق جدة وشلل تام في معظم الطرق الرئيسة كأنفاق حراء والملك عبدالله والجامعة ونفق الطائرة، وحولت جميعها إلى بحيرات يصعب تجاوزها أو استخدامها ، بينما الدفاع المدني في هذه الأثناء باشر إنقاذ محتجزين داخل سيارتهم في عدد من المواقع، وقد تسببت الأمطار الغزيرة والرياح الشديدة في انقطاع التيار الكهربائي عن معظم الأحياء السكنية، وجامعة الملك عبدالعزيز بجدة علقت الاختبارات الفصلية للطلاب والطالبات، وسبب ارتفاع منسوب المياه في انتقال الطلاب إلى الأدوار العلوية بينما تم انتقال الطالبات إلى الأدوار العلوية في مركز تجاري بالقرب من جامعة المؤسس ، كما أنه بسبب ارتفاع منسوب المياه داخل العنابر في ترحيل جوازات جدة يخلي الموقوفين من الترحيل ونقلهم إلى موقع آخر . وقد أعلنت جميع الأجهزة الأمنية حالة الاستنفار القصوى لمواجهة أخطار السيول المتوقعة ، فيما بادرت إدارات المدارس لإخلاء الطلاب بشكل عاجل قبل نهاية فترة الاختبار الثانية. من جهة أخرى  قررت جامعة الملك عبدالعزيز إيقاف الدراسة وتعليق الاختبارات وإخلاء جميع الطلاب  والطالبات بعد ارتفاع منسوب المياه بشكل متسارع وكبير ، ومن جهتها إدارة التربية والتعليم علقت الاختبارات في جميع المدارس للفترتين المسائية والليلية.

في حين تمكن طلاب التعليم العام الصباحي بجدة من "النفاذ" باختبارات الأسبوع الأول من التعليق بسبب الأمطار، بعد أن أدوا آخر اختبارات هذا الأسبوع اليوم (الأربعاء 2011-01-26) لم يتمكن طُلاب التعليم العام "المسائي" و"الليلي" من إكمال اختباراتهم بسبب الأمطار القوية التي شهدتها المحافظة بدءا من ظهر اليوم.

وأصدر مدير عام تعليم محافظة جدة عبد الله بن أحمد الثقفي ظهر اليوم قرارا بتعليق الاختبارات في كافة المدارس المسائية والليلية لليوم الأربعاء فقط، حفاظا على سلامة الطلاب، إلى جانب تعليق الدراسة في ثلاث مدارس صباحية في محافظتي خليص ورابغ، تتمثل في ثانوية حجر ومتوسطة نويبع في رابغ، وثانوية ستارة بخليص.

وأكد الثقفي بأن سلامة الطلاب وكافة منسوبي التربية والتعليم هدف أساسي فيما سيتم في وقت لاحق تحديد موعدا بديلا لإجراء اختبارات المواد التي لم يتم إتمامها بسبب التعليق وفقا للائحة الاختبارات, وأشار الثقفي في ذات الوقت إلى نجاح سير الاختبارات في الأسبوع الأول بمدارس جدة مؤكدا أن تعاون المدراء والمعلمين وأولياء الأمور كان له الأثر الإيجابي في هذا النجاح بالإضافة إلى تعاون الجهات المعنية والجهات الأمنية والذي ساهم في نجاح الأسبوع الأول من الاختبارات.

من جانبه قال مدير الإعلام التربوي بجدة رجاء الله السلمي أن جولات ميدانية نُفذت خلال اليومين الماضيين في محافظتي خليص ورابغ حيث وقف مدير تعليم جدة ومدير الإشراف التربوي ميدانيا ليلة البارحة على أوضاع المدارس هناك واتخذ على ضوء المعطيات الميدانية قرارا بتعليق الدراسة في المدارس الثلاث المذكورة أعلاه.

إلى ذلك، اضطرت جامعة الملك عبدالعزيز إلى تعليق اختبارات طلابها التي تعقد في الفترة المسائية نظراً للأحوال الجوية السيئة التي شهدتها مدينة جدة اليوم عبر بيان نشرته على موقعها الإلكتروني.

ووجد الطلاب الذين أدوا امتحاناتهم في الفترة الصباحية بالجامعة أنفسهم في موقف محرج لعدم تكمكنهم من مغادرة حرم الجامعة في ظل استمرار هطول الأمطار، وخوفا من حدوث مكروه نتيجة المياه التي غمرت المدينة الجامعية.

وبعثت إدارة الجامعة رسائل نصية إلى جميع الطلاب والطالبات تبلغهم بأنه تم تعليق اختبارات اليوم الأربعاء للفترة المسائية، وسيتم الإعلان عن الموعد الجديد عبر موقع الجامعة.

وفي شطر الطلبات اضطر الكثير منهن للمكوث داخل الجامعة مستسلمات للتحذيرات التي بعثتها الإدارة من خطورة خروجهن من الجامعة، مما دعا الكثير من أولياء الأمور إلى الانتظار تحت زخات المطر حتى تهدأ الأجواء ليتمكنوا من اصطحاب بناتهن.

بينما أوضحت الهيئة العامة للطيران المدني أن الأمطار التي هطلت على جدة اليوم لم تؤثر على الحركة الجوية في مطار الملك عبد العزيز الدولي.

وأن أجهزة التشغيل في مرافق المطارات وكذلك أجهزة الملاحة الجوية مهيأة مسبقا للتعامل مع هذه الأوضاع من خلال استخدام التقنية التي وفرتها الهيئة والمتمثلة في أجهزة المراقبة الجوية والرادارات المتقدمة حيث يتم يوميا تلقي النشرات الجوية من الجهات المختصة ويتم بثها عبر النظام الآلي وتكون متاحة للمراقبين الجويين والطيارين ويتم التعامل بشكل جاد مع أي تنبيهات جوية تصدر.

وأشار إلى أن عمليات الإقلاع والهبوط في مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة كانت في وضعها الطبيعي وكذلك أجهزة الهبوط الآلي على جميع المدارج منذ اللحظة الأولى لهطول الإمطار وحتى ساعة إعداد هذا البيان، مشيرا إلى أن الإجراءات التي تتخذ عادة عند سوء الأحوال الجوية لإيقاف أو تعليق الرحلات تعتمد على معايير تتعلق بكمية الأمطار على المدرج وسرعة الرياح وقد تبين خلال هطول الإمطار اليوم أن كمية المياه في الحدود المسموح بها للقيام بعمليات الهبوط والإقلاع ولم يكن هناك انعدام في مستوى الرؤية الأفقية وكانت معدلات الرؤية طبيعة مما يسمح باستمرار الحركة الجوية.

وقد وصلت الأمطار التي هطلت على جدة اليوم إلى أرقام قياسية تجاوزت 111 مليمترا بحسب مرصد جامعة الملك عبد العزيز الذي يعتبر رقما قياسيا جديدا على جدة، أوضح ذلك رئيس قسم الأرصاد بجامعة الملك عبد العزيز الدكتور منصور المزروعي، مشيرا إلى أن الحالة الجوية التي مرت بها جدة اليوم تعد حالة مناخية متطرفة.

وشددت المديرية العامة للدفاع المدني بمحافظة جدة على ضرورة أخذ الحيطة والحذر أثناء استمرار هطول الأمطار على محافظة جدة والابتعاد عن المناطق المغمورة والبقاء داخل المنازل قدر الإمكان وعدم عبور المناطق المغمورة والجارية .

وأكد مدير إدارة الدفاع المدني بمحافظة جدة العميد عبدالله بن حسن جداوي أن الأمطار التي هطلت على جدة اليوم تنتقل غزارتها من الشمال نحو الشرق، حيث تتوزع فرق الدفاع المدني في أحياء أم الخير وقويزة ومخطط عبيد والأجواد والسامر والتوفيق لافتا إلى أن الفرق موجودة في مواقعها تحسباً لجريان الأودية, وتمّ استنفار طواقم الدفاع المدني وآلياته .

وأفاد أن المديرية رفعت درجة الاستعداد والجاهزية لمواجهة أي طارئ في 32 مركزاً للدفاع المدني وتسيير عدد من الفرق على المواقع التي من المحتمل أن تتشكل فيها مستنقعات مائية وذلك بالتنسيق مع أمانة جدة عن طريق غرفة العمليات المشتركة.

وأوضح العميد جداوي :"أن هناك تجمعات كبيرة للمياه في طريق الحرمين (الخط السريع) وبعض مناطق شرق الخط كمنطقة أم الخير مما أعاق وصول آليات الدفاع المدني، الأمر الذي دعا إلى تحرك طائرات طيران الدفاع المدني العامودية ومباشرة المهمات في الإنقاذ وإخراج المحتجزين "منوهاً على أن الفرق المائية تدخلت فوراً بعد انتهاء الأمطار لفك المحتجزين باستخدام القوارب المطاطية كما أن عدد المحتجزين الذين تم إنقاذهم لم يتم حصره وجاري العمل لإنقاذ الباقين.

وعن المشاكل الفنية التي واجهت الدفاع المدني في عملياته بين العميد جداوي أن العبارات الخاصة بتصريف مياه السيول لم تقم بتنفيذ ما تم بناؤه من أجلها بل كانت تقوم بإخراج المياه من مناطق الشرق وسرعان ما تعود لمكانها مسببة ارتداداً فيها والسبب في ذلك أن الأماكن التي يتم تصريف المياه إليها أعلى من المنطقة التي تخرج منها المياه ولهذا تعود من جديد .