ليست شجاعة مني ككاتب أن أعتذر لليمنية توكل كرمان على بعض ما ورد في مقالي حول فوزها بجائزة نوبل ما قبل الأمس. الاعتذار هو الواجب، وما كان واجباً لا يحتاج إلى شجاعة. وعلى العكس فقد أعطاني الخطأ في حقها فرصة مراجعة النفس، وفي هذه المراجعة اكتشفت أنني لم أعتذر من قبل لخطأ أو معلومة على الإطلاق وهذا يعود لأنني أصنع من المعلومة مربعاً مقدساً وأتثبت على الدوام من فحص ورجاحة ما أكتب. وحين أعتذر لها فإنني أيضاً أحتفظ بحقي في الرأي في السؤال الكبير عن استحقاق الجائزة. وما قلته في هذا لا يختلف عن بعض رؤيتي المدونة بالأرشيف لفائزين من قبل. طرحت ذات علامة الاستفهام عندما ذهبت جائزة نوبل للسلام للرئيس الأميركي باراك أوباما وهو يشارك توكل كرمان في ذات الظرف: كلاهما أخذ الجائزة بعد تسعة أشهر من بدء مشروعيهما اللذين تحدثت عنهما حيثيات منحهما لهذه الجائزة. وحين أقرأ ما قالته الجائزة عنها فإنني أقرأ ما قالته ذات الجائزة عن أوباما قبل عامين. وكلتا الرسالتين من نوبل إلى الفائزين، إنما تبعث الإحباط إلى الأفراد والمجتمعات والمنظمات التي أفنت سنين طويلة في الجهاد السلمي حول الأرض حين تذهب هذه الجائزة إلى عدائي المسافات القصيرة على حساب الذين أفنوا جل حياتهم في ماراثون السلم الطويل. كتبت عن تجاهلها للعملاق التركي عزيز نيسين فتختار مواطنه باموك للآداب رغم الفوارق الهائلة التي لا يختلف عليها اثنان من أساتذة النقد ما بين الاثنين. أنا مؤمن أن لي الحرية كاملة في أن أهضم فوزها بالجائزة من عدمه وتذكروا أن موقفي ورأيي لا يقدم في المسألة وقد لا يقرأ مثلما أيضا لا يؤخر. هذا الانقسام حول الجائزة والفائزين بها هو جزء من ثقافة نوبل. بقي أن أختم بالاعتذار عما نشرته بحقها في قراءة مقابلتها مع التلفزيون الفرنسي في المقطع الذي أرسل لبريدي وهو لم يكن لها وأنا أعتذر عن خطأ لا يستساغ معه أن أبرر أو أناور لأن حقها المرفوع هو مثل حق القارئ الكريم أن يقرأ من كاتبه كل الحقيقة وأن يعرف أنه مدرك لواجبه بالاعتذار الواضح عن خطأ في المعلومة.