تابعت الجلسة التحضيرية للحوار الوطني المنعقدة أخيرا في أبها حول حوار المجتمع مع الإعلام. إن الحوار الوطني فكرة رائدة يجب أن تستمر بلا توقف وأن تجدد نفسها وأفكارها، فهي توحد وتقارب وتصوغ رؤية عامة من رؤى مختلفة.
كان محور "المنطلقات الشرعية والإعلام" أكثر المحاور إثارة، وفي رأيي أن قسما من إثارته يعود إلى صياغته الفضفاضة، حيث ترددت مصطلحات مثل "الثوابت الشرعية، الضوابط الشرعية".
هناك زوايا نظر مختلفة لهذه المصطلحات، واتضح في الحوار أن هذه الثوابت والضوابط والمنطلقات ليست متطابقة تماما عند المتحاورين، ففهم علي الرباعي وعلي الموسى لها يختلف عن فهم سعد عثمان وعوض القرني. وأقترح تخصيص إحدى موجات الحوار الوطني لضبط وتحديد مصطلح الثوابت والضوابط، ويمكن لهذا التحديد أن يستوعب الاختلاف.
على سبيل المثال الطريف كانت النساء في قاعة خاصة بهن مفصولة عن قاعة الرجال، وعند خروجهن من القاعة وجلوسهن في بهو الفندق يكن مع الرجال، وكلا الحالين ضمن الضوابط الشرعية، لكن ليس كل المتحاورين يرونها كذلك. وكانت بعضهن سافرات الوجوه، وبعضهن يغطين وجوههن وكلا الحالين ضمن الضوابط الشرعية لكن ليس كل المتحاورين يرونها كذلك.
إن هذه الضوابط والثوابت هي بمثابة القانون في أي بلد أوروبي مثلا يعيشه المواطنون دون أن يكرروه في كل مناسبة. كلنا مواطنون مسلمون في دولة مسلمة، يفترض أن نعيش ضمن هذه الثوابت وهذه الضوابط دون أن نضطر لذكرها بمناسبة وبلا مناسبة، حتى لكأننا ننساها كل يوم فنعيد مذاكرتها، الثوابت والضوابط الوطنية والشرعية نعيشها في كل جوانب حياتنا وأعمالنا ووظائفنا، وليس فقط عند الحديث عن الإعلام أو عن عمل المرأة ومشاركتها في التنمية، فكلما تعلق الأمر بمشاركة المرأة في التمنية أخرجنا لافتة "الضوابط الشرعية"، وكأننا نحن الرجال غير مكلفين بالعمل ضمن هذه الضوابط الشرعية.
إن كان لا بد لنا أن نحدد منطلقات شرعية للإعلام فلا يمكن أن تكون هذه المنطلقات سوى مبادئ: الحق والخير والجمال.