نقلت "الوطن" الخميس الماضي خبر تبرير أمين عسير لوزير الشؤون البلدية من أن المواطن قد استفزه ثلاث مرات حتى اضطر لطرده! وبصراحة فإن من شاهد مقطع اليوتيوب للحادثة سيقول "عذر أقبح من ذنب" فيا ترى بماذا استفزه المواطن؟ باحتياجاته وآماله كمواطن! أم أنه يذكره بواجب منصبه؟ هل هذا مستفز؟! بل حتى حين طرده بطريقة فوقية ومتعالية لم يتطاول عليه المواطن كما ظهر لنا في المقطع بأم أعيننا! فكيف استفزه؟

مشكلة الكثير من المسؤولين اليوم؛ أنهم حتى الآن لم يستوعبوا الزمن الذي يعملون فيه، وهو زمن اليوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي، وأن سياسة الباب المقفل والخوف من مناصبهم باتت لا تخدمهم! وبصراحة أكثر أجد أن هذا التصرف الفوقي والمتعالي يصدر من شخص يظهر على شكله العكس! هذا والله هو المستفز يا سعادة الأمين، لأن المتوقع غير ذلك!

إن ما فعله الأمين مع المواطن أمر غير مقبول أبدا، كما أن عذره غير مقبول، ثم لم توضع كل الامتيازات الوظيفية المادية والمعنوية للمسؤول من أجل أن يتمتع بها ويتعالى على الناس ويطردهم، بل ليصبر عليهم، ويأخذهم باللين والعفو ويستمع لهم، وما فعله أمير منطقة عسير فيصل بن خالد من تشكيل لجنة تحقيق في الحادثة هو أمر من الأهمية بمكان، وهو عين الصواب، وأتمنى أن تخرج اللجنة بقرار شاف يضع هذا المسؤول في محل المساءلة التي تفضي إلى المحاسبة، لتكون تلك رسالة لكل المسؤولين الذين وضعهم ولي الأمر من أجل خدمة المواطنين لا من أجل الترفع عليهم وتقزيمهم وطردهم! فما حصل من هذا الأمين مع الأسف يحصل أيضا من مسؤولين آخرين لم تصل إليهم عين "اليوتيوب" بعد، والمسألة لا تتوقف عند حد إساءة التعامل والفوقية، فهناك مواطنون آخرون يعانون من سياسة قفل الأبواب وتأجيل المعاملات وتأخيرها أيضا! وحين يرغبون في لقاء سعادة المدير أو المسؤول فإن بابه مقفل بحجة اجتماع لا ينتهي! كما أن المسألة لا تتوقف على التعامل مع المواطنين فحسب، بل أيضا التعامل مع الموظفين في ذات الإدارات التي يعمل بها أمثال هؤلاء، فكأنهم حين اعتلوا هذه المناصب امتلكوا معها أعناق العاملين فيها واستعبدوهم، شخطا وأمرا وظلما وتعسفا إداريا وتحقيرا! بل بعضهم لا يتهاون في تهديد موظفيه بالفصل أو عدم الحصول على ترقية لمجرد أنه خرج من السرب! وهؤلاء تناسوا أننا في زمن المواطن الصحفي الذي بات يستخدم اليوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعية "الفيس بوك وتويتر" ليوصل صوته، ويفضح الحقيقة، والقيادة الحكيمة لهذه البلاد التي اعتمدت سياسة الباب المفتوح وعلى رأسها أبو متعب ـ حفظه الله، أبدا لن ترضى بأي خطأ ممن حملتهم الأمانة لخدمة المواطنين والمقيمين.

وكل ما أخشاه أنه بعد ما حصل مع أمين عسير ومن قبله سفير السعودية في مصر سابقا مع إحدى المواطنات؛ أن بقية المسؤولين سيضعون عبارة "ممنوع اصطحاب جوال الكاميرا" في مكاتبهم وإداراتهم، حينها لو شاهد أحدكم لوحة معلقة عليها هذه العبارة، فلا تنسوا.. صوروها وأنزلوها في اليوتيوب فهذا يكفي لأن نعرف لماذا؟!