التقيت من فترة وجيزة، بممثل/ منتج، كشف لي عن وجود مشروع سترعاه وزارة الثقافة والإعلام سيخوض في تحويل روايات سعودية إلى منتج درامي تلفزيوني. بعيدا عن تفاصيل المشروع وجماله فيما لو أنجز وكتب له الظهور، ينقص الزخم الكبير الذي يشهده حقل السرد من متواليات عدا المراجعات الناقدة المؤسسة على وعي وعلم ومعرفة وسعة أفق ونزاهة أيضا، المؤازرة الدرامية، من منطلق أن كثيرا من الأعمال الروائية سواء على المستوى العربي أو العالمي تحولت إلى دراما سينمائية أو تلفزيونية ومثلت إثراء بالغا لهذا الفن، وحققت رواجا أيضا للعمل الروائي، خاصة تلك النوعية من الأعمال الروائية ذات النفس الملحمي، مثل رواية الفرنسي غير ذائع الصيت (هنري شارير) في رائعته (الفراشة) التي لعب بطولتها حين تحولت للسينما الممثلان الأميركيان داستن هوفمان وستيف ماكوين.
المسافة بين النص السردي الإبداعي المحلي والحركة الفنية الدرامية متباعدة إلى حد جهل الطرفين ببعضهما البعض. وهذه مردها وفق ما يراه كثير من المراقبين افتقار المؤسسات الثقافية والفنية لآلية حراك منهجية من جهة ولافتقادها لرؤية عمل متكاملة ومتوافرة على تخطيط مبرمج، يفضي عدم وجوده إلى أن يصبح الربط بين أفراد الحركة الثقافية والفنية أمرا محفوفا بمخاطر الوقوع في انصراف كلا الاتجاهين الإبداعي السردي والدرامي إلى مناطق بعيدة تفقد الاثنين حتمية الالتقاء والتواصل مع المتلقي. وحتى لو شئنا التعرض لجملة محاولات بسيطة سعت لإحداث التقارب بين الجانبين فسنبدو كمن يحاول تجميع لوحة فنية زجاجية، ولكن بعد سقوطها بسنوات وتراكم الأيام عليها بحيث انمحى الكثير منها وارتج الباقي عن مكانه، فهي في النهاية لا تعدو أن تكون اجتهادات فردية لا ترقى لأن تكون تعبيرا حقيقيا عن حركة تيار جماعي وجهد مؤسساتي، ينفخ الروح في السرد الميت بين بطون الكتب ويحشد الجماهير حول دراما فاعلة تخرج من رحم المجتمع وتعبر عن نبضه بجلاء وشفافية.
وهذا ما يعيد المراقبون في اللحظات الراهنة ترتيبه وهم يلمسون تحركا على أعلى المستويات في وزارة الثقافة والإعلام في واحدة من أدق وأهم لحظات المجتمع التاريخية التي تشكل واقعا إنسانيا مفعما بالثراء والإيقاع الثقافي الذي جانبه طويلا وبعيدا عن التفكير في ارتقاء بالمجتمع عبر أدوات الفن والإبداع بصورتيهما الناصعة كنشاط إنساني له إشراقاته التي هي بالضرورة شرط من أهم شروط المجتمعات المدنية.
ولما كانت ساحتنا المحلية تفتقد للكوادر المؤهلة من كتاب سيناريو ومخرجين وفنيين، يكون لا بد أن تبادر إحدى المؤسسات الثقافية وفي مقدمتها جمعية الثقافة والفنون لإنشاء ورش جماعية لكتابة السيناريو يتكون أعضاؤها من كتاب سرد ومخرجين ومهمومين بالإنتاج الإبداعي البصري والكتابي، علنا نفلح جماعيا في اللحاق بما يمكن اللحاق به.