لا مانع من إعادة استخدام العنوان مرةً أخرى، فقد كتبت مقالاً معنوناً بنفس المضمون وقت الأزمة الاقتصادية في أميركا، حين عرضت قناة CNN تقريراً يحمل نقداً لاذعاً للبنوك الأميركية، وفي الفاصل إعلان لبنك أميركا. أي أن الإعلان لا يتعارض مع الإعلام، إلا حين يستشري الفساد وتبدأ حملات الضغط بعدم النقد والمقايضة بالمال ـ الإعلان ـ دون معالجة للمشكلة.

شباب "اليوتيوب"، اتبعوا السياسة الجميلة وهي سياسة "ارعاني ولا تضغط عليّ"، خصوصاً حين قام فهد البتيري في برنامجه "لا يكثر" وعمر حسين في برنامج "على الطاير" بالإعلان رسمياً أنهم تلقوا عروضاً إعلانية وتم قبولها، لكن بشرط أنهم ينتقدون ما يرونه مناسباً للنقد دون تقييد لحرية آرائهم.

هذه هي القوة الحقيقية، وكنت أخشى أن يتسلل الطمع إلى قلوب أصحاب مسلسلات اليوتيوب فيقومون بغض الطرف عن مشاكل الرعاة، لكن الحقيقة أن مقص الرقيب أعلن استسلامه أمام النقد المسؤول لهذه البرامج، وتحول من مقص إلى راية سلام معهم. "شششش"، لا تنتقدني، هذا منطق معظم الشركات والبنوك. حين يقومون بالتهديد بسحب الإعلان، يعيدون إلى ذاكرتي الكلمة الشهيرة لملاعب كرة القدم في الحواري "لعبوني والا بأخرب"، لكن المشكلة أن هذه الشركات والبنوك عبارة عن لاعب أساسي، وبدلاً من "لعبوني والا أخرب" ستتحول العبارة إلى "أسجل قول والا آخذ الكورة وامشي"!

الكوميديا والنقد اللاذع خطان متوازيان مع عمر حسين و فهد البتيري، لكنهما الآن يقدمان أسلوباً مختلفاً فيما يتعلق بالإعلان والإعلام، ويعلنونها صراحة أنه لا مجال للمساومة على المحتوى أو نقدهما لأي جهة في القطاعين الخاص أو الحكومي.

عدد المشاهدات المليونية لبرامج اليوتيوب تجعل لعاب المعلنين يسيل، وتأتي الفرصة لـ"الأقوى" وهم شباب اليوتيوب بالطبع، لفرض الشروط، لكن بمقابل. دائماً نردد أن من أمن العقوبة أساء الأدب، وهذا حال المتجاوزين في كثير من القطاعات الحكومية أو الخاصة، ولكن الفزاعة الكبرى الآن لهم هي "يوتيوب" واسألوا أمين عسير عن ذلك.

الإبداع يغير في كثير من الأشياء، وينهض بالمجتمعات، ومع عمر والبتيري تم تأسيس قاعدة جديدة "ارعاني ولا تضغط علي"!