قرأت عن رفع مدير مدرسة سابق قضية إلى المحكمة الإدارية ضد إدارته التعليمية, استوقفني في موضوعه أنه وإن كان أمراً نظامياً إلا أن الدافع إليه ـ ولا شك ـ هو أنك عندما تعاني من ظلم وقع عليك من إدارتك التعليمية بسبب متنفذ يتمتع بسلطة غير رسمية، ولا تجد نصرة من مدير التعليم، وتشتكي إلى الوزارة فتقوم برد خطابك إلى إدارتك التعليمية، لتجد نفسك مرة أخرى في مواجهة ذلك المتنفذ وابتسامته الصفراء؛ فإنك سوف تلجأ كتربوي إلى المحاكم بكل بساطة.

في الواقع أنه عندما تكون القضية التعليمية فردية فإنها غالباً ستجد من يحركها ويصعدها، لكن عندما تكون القضية جماعية فإن الضحايا يصمتون في انتظار من يتحدث.

مثلا قضايا المدارس المجددة في بلادنا، ومنها الثانوية الـ55 في جدة، فالمدرسة تم استلامها من المقاول الذي قام بأعمال الصيانة فيها بمبلغ يقال إنه مليون و700 ألف ريال، قدمتها وزارة التربية والتعليم حتى تحظى طالباتها بمبنى يليق بهن كسعوديات، لكنك وأنت تدخل للمبنى تكتشف أن المقاول لم يكمل تسقيف المدرسة، على الرغم من أنه وضع مكيفات "اسبليت" في الساحة؛ مما جعلني حائرة، فمكيفات "الاسبليت" حتى تعمل بشكل جيد يجب ألا تتعرض للمطر والغبار والريح، أي تعمل في وسط مغلق، وهو ما أدى إلى تعطلها، وبحسب إدارة المدرسة حضرت منذ العام الماضي مشرفات وقمن بتسجيل العديد من المآخذ على المبنى، ومع ذلك لم يتغير شيء. وفي الحقيقة، أن مديرة المدرسة الأستاذة نادية تمنح المدرسة بابتسامتها وتعاملها التربوي الكثير هي وفريقها، مما يدفعك للتمني أن تمنح مدرستهن فرصة لتكون جنة في الوقت الذي هي جهنم في الحر، ونخشى أن تكون بحيرة من السيول في الشتاء، لأنها مكشوفة السقف وتقع في حي الجامعة بجدة وهو حي سبق أن غرق في السيل.

لِمََ لمْ تكن المدرسة مكتملة الصيانة والتجديد عندما تم استلامها من المقاول؟ إجابة هذا السؤال تخبرني عنه إحدى المديرات، وهي أن إدارة التعليم تطالبها باستلام المبنى من المقاول أولاً، ثم تكتب تقريراً وترفعه لهم، مما يثير التعجب!

المديرة امرأة، ومهما كانت خبرتها فإنها لا تستطيع إعطاء حكم كحكم الرجل حول جاهزية المبنى، كما أنها لم توقع عقد الصيانة لتعرف بنوده وتستلم المبنى بحسبه, ثم من يستطيع محاسبة مقاول تسلم جميع دفعات المبلغ ووقعنا باستلام مبنى منه؟!

إن ما سبق يجعلك تتساءل: لو كانت المدارس هذه بيوتهم وهم دفعوا مثل وزارة التربية والتعليم هذه الملايين، هل سيهملون محاسبة مقاول الصيانة عن كل بلاطة وكل مكيف وكل قطعة حديد؛ ويفحصونها جيداً ويرفضون استلامها ويشتكونه للشرطة والمحكمة حتى يأخذوا حقهم؟!