نحتاج اليوم إلى لغة أكثر اتزاناً وهدوءاً ونحن نفتح ما حدث بقرية العوامية لمشرحة النقاش، بقدر ما نحتاج أن ندرك أن الولاء والمواطنة واجب وحق شرعي مكتسب لا يقبلان النقاش أو المساومة. وحين أتفق مع بعض ما طرحه الأخ العزيز توفيق السيف في حواره مع قناة (الحرة) ما قبل البارحة، فلي أيضاً حق النقاش مع سعادته فيما نختلف حوله رؤية، وإن كنت أحتفظ بحقه المشروع في تقييم رؤيته. أتفق معه وأشد على يديه وهو يقول إن العوامية مجرد قرية محصورة بمساحة محددة ولا تعني أحداثهاـ بأي شكل ـ أن تنسحب كاضطراب على أقلية مذهبية كاملة، بمثل ما لا يجوز أن تكون (العوامية) مثالاً لتململ مذهبي. أتفق معه وهو يقول إن المطالب لا تحل بالعنف وإن للمطالب بابها المشروع، والمفتوح من الحاكم ومن الدولة. ولكنني أود نقاش الزميل العزيز في الكفة الأخرى التي أجد نفسي فيها مختلفاً معه. أختلف معه جذرياً وهو يقول إن بعض مطالب الإخوة في الأقلية الشيعية تتمحور حول السجناء وبضعة مواضيع تنمية. أود أن أقول له جهراً إن أسطوانة ـ السجناء ـ لم تكن أبداً قصة خاصة بأقلية أو أكثرية أو مذهب أو فصيل. لا يمكن للدولة ولا المجتمع أن يقبلا بأي عبث أمني أو فكري. ولتوفيق السيف أن يعرف أن سجناء الإرهاب لم يستثنوا مدينة أو قرية، وفي بعض الأحيان حياً أو حارة. وله أن يقرأ نسبة سجناء الفكر الضال وتوزيعهم على الخريطة الوطنية ليعرف بالضبط أن حكاية السجين بجريمته لا تحل باضطراب في قلب الشارع. لأخي العزيز أن يأتي معي لأرجاء هذا الوطن المترامية كي نشاهد بعيوننا الأربع مقاييس التنمية، ولأطلعه على مئات الشواهد ثم بعدها له أن يضع مطلبه التنموي على المحك. لم تقل الدولة ولا جهازها إن عدالة التنمية وتوزيعها كانت كحال المطلب، وهي تعترف بالقصور تجاه عشرات الأماكن بما فيها ـ مربع الرياض ـ الشهير ولكن: أرجو أن نشاهد الأشياء من زاوية عليا وبنظر واسع الأفق.

السجناء من كل الأطياف يدخلون السجن بجنحهم ولا يخرجون منه تحت ضغط الشوارع. مطالب التنمية والوظيفة كذلك أيضاً.