اعتبر وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل الوضع في لبنان "خطيرا"، مؤكدا أن المملكة "رفعت يدها" عن الوساطة التي أجرتها مع سورية لحل الأزمة في هذا البلد، محذرا من وصول الأمور إلى الانفصال والتقسيم. وقال "عندها ينتهي لبنان كدولة تحتوي على هذا النمط من التعايش السلمي بين الأديان والقوميات والفئات المختلفة".

وأكد في حديث للتلفزيون السعودي على هامش القمة الاقتصادية الثانية التي انعقدت في شرم الشيخ أمس، أن غياب هذا النموذج "سيكون خسارة للأمة العربية كلها". ووجه الفيصل الدعوة للقادة العرب للمشاركة في القمة التنموية والاقتصادية والاجتماعية في يناير عام 2013 بالرياض.

وأثار موقف الفيصل ردودا، حيث أكد السفير اللبناني في السعودية اللواء مروان زين لـ"الوطن" أن تصريحاته "تأتي نتيجة تفهم الرياض ودمشق أن مبادرتهم القائمة لم يتم التفاعل معها لبنانياً، مما أثبت أن الحل يجب أن يكون لبنانياً ومن ثم يكون الدعم السعودي - السوري لمؤازرة الجهود اللبنانية".

وقال مقرب من قيادة تيار المستقبل إنه على يقين من أن المملكة لن تترك لبنان أمام المخاطر وأنها ستبذل كل ما من شأنه أن يحفظ وحدته واستقراره. وأوضح أن الموقف الأخير الذي أعلنه الأمير سعود الفيصل "ما هو إلا تبيان للحقائق، حيث أفشل حزب الله وحلفاؤه المسعى السعودي السوري وخصوصا لحل نهائي للأزمة".

ومن جهته أكد النائب وليد جنبلاط أمس أنه مستعد لزيارة دمشق مرة جديدة بهدف بحث الأزمة اللبنانية مع الرئيس السوري بشار الأسد بعد زيارته الأخيرة نهاية الأسبوع الماضي. وقال "سأصبر قليلا ثم سأتحدث بصراحة وفي الوقت المناسب".




حذر وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل من أن الوضع في لبنان "خطير" مشيرا إلى أن المملكة "رفعت يدها" عن الوساطة التي أجرتها مع سورية لحل الأزمة في لبنان. وقال "إن خادم الحرمين الشريفين اتصل مباشرة، الرأس بالرأس، بالرئيس السوري بشار الأسد، فكان الموضوع بينهما بالتزام إنهاء المشكلة اللبنانية برمتها ولم يحدث ذلك". وأكد في مقابلة مع التلفزيون السعودي أمس أن الملك عبدالله "رفع يده عن هذه الاتفاقات" في أعقاب ذلك. واعتبر أنه "إذا وصلت الأمور إلى الانفصال، وتقسيم لبنان، انتهى لبنان كدولة تحتوي على هذا النمط من التعايش السلمي بين الأديان والقوميات والفئات المختلفة". ورأى أن غياب هذا النموذج "سيكون خسارة للأمة العربية كلها".

وقال الفيصل إن الأمة العربية تواجه تحديات سياسية واقتصادية متشابكة، مبيناً أنه طوال الفترة التي مضت كانت اللقاءات السياسية مستمرة للبحث والتقصي والتعديل في الخطط والاحتياطات لهذه المشاكل. وأشار إلى أن هناك جانبا لا يجب أن يغفله العالم العربي وهو التعاون الاقتصادي "لأنه هو الذي سيفيد الموقف السياسي وسيقوي من قدرة الدول العربية في مواجهة كل التحديات".

وعن المشهد العربي الآني والتطورات مثل ما يحصل الآن في شمال أفريقيا بسبب الفقر والبطالة كما حدث في تونس مثلا، وهل ألقى ذلك بظلاله على القمة الاقتصادية بشرم الشيخ والتي يرأس وفد المملكة إليها، قال الفيصل "سمعنا من وزير خارجية تونس عن الوضع في تونس وبطبيعة الحال المملكة لها علاقات مميزة مع الشعب التونسي"، معبرا عن الأمل أن ينال التونسيون ما يريدونه من التطور والازدهار والحرية التي يطالبون بها". وأضاف أن الوزير التونسي شرح هذه القضايا ولم يقلل من المشاكل التي تجابه تونس في الوقت الحالي "ولكن أملنا جميعا وكلنا نقف مع الشعب التونسي حتى يحقق الازدهار والنمو".

وردا على سؤال عن موقف المملكة فيما يخص الحالة التونسية واستضافة الرئيس التونسي السابق قال "في الواقع الاستضافة عرف عربي كلنا عرب والمستجير يجار، وليست " هذه" أول مرة المملكة تجير مستجيراً بها وأن يزبن عندنا إذا ما زبناه وُسمنا بأوصاف غير لائقة، المملكة مشت على نهجها الذي تبنته منذ زمن بعيد ولا أعتقد فيه أي مساس بالشعب التونسي وإرادة الشعب التونسي ولا فيه أي تدخل في الشؤون الداخلية ولا يمكن لهذا العمل أن يؤدي إلى أي نوع من العمل من أرض المملكة في تونس". وأوضح الفيصل "هناك شروط لبقاء المستجير وهناك ضوابط لهذا الشيء، ولن يسمح بأي عمل كان في هذا الخصوص وإنما نحن مع الشعب التونسي في بلوغ أهدافه، وفي بلوغ ما يرمي إليه قلبا وقالبا".

وردا على سؤال حول دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز قبل سنوات إلى سوق عربية مشتركة تعوض ذلك النقص على الأقل في التكامل العربي السياسي، وهل هذه القمم فعلا تحقق هذه الدعوة ، قال "في الواقع بدأنا في وضع الأسس للسوق المشتركة كما قلت، وكنت أتحدث مع وزير المالية عام 2005 سيكون هناك الخروج بالاتحاد الجمركي 2015 ، وبعدها بسنتين أعتقد ستكون السوق المشتركة جاهزة للتنفيذ. وهذه الخطوات مهمة للغاية بالنسبة للدول العربية". وفيما يخص قرارات القمة الاقتصادية الأولى بالكويت وإلى أي مدى فُعّلت هذه القرارات، أوضح" في مؤتمر الكويت حدد صندوق، والمملكة تبرعت بجزء وافر من إمكاناته ونأمل أن يستكمل، وهو لم يستكمل بعد، ومن أهم الأشياء التي تصر عليها المملكة في العمل العربي المشترك الجدية والمصداقية، ليس فقط في اتخاذ القرار وإنما تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه، ونأمل أن يكمَّل هذا الصندوق ويبدأ عمله".

وعن قرارات القمة الاقتصادية الخاصة بإعادة إعمار غزة والصعوبات التي واجهتها بسبب الحصار الإسرائيلي وكذلك دعم صمود القدس، وهل ستلتزم كافة الدول العربية بهذين القرارين في ظل هذه الظروف، أكد الفيصل أن الدول العربية " لا يمكن أن تتخلى عنها ودعمها صندوق القدس أو صندوق الأقصى قائم منذ سنين ومسؤولية الأمم المتحدة أن تسمح لهذه المساعدات أن تدخل وأن تؤدي الغرض الذي من أجله جمعت". وفيما يتعلق بموضوعات الربط البري والبحري بين الدول العربية وكذلك الأمن الغذائي والمائي، وهل هناك جدول زمني، ومدى التعاون وتفعيل هذه المشاريع، أوضح أن هناك استعجالاً في الدول العربية، كل دولة في الجانب الذي يخصها من الربط. وأضاف "الربط البري مثلا سكك الحديد، نحن في المملكة الجهد على قدم وساق لإنهاء هذه المشاريع.. الربط البحري، وأيضا الموانئ، والربط الكهربائي بدأ يعمل في بعض الدول العربية وسيستكمل في باقي الدول، وهناك وعي بأهمية هذه المواضيع على الاقتصاد، لأن هذه هي الهياكل الأساسية للاقتصاد، وبالتالي هناك إرادة بأن تنتهي هذه المشاريع في أقرب فرصة ممكنة".

وحول الوضع في العراق وانعقاد القمة العربية المقبلة، قال الفيصل "الحكومة قامت في بغداد، ولو أنها أخذت فترة طويلة، نأمل أن يحقق الغرض من هذه الحكومة وهو أن تضفي بالوحدة الحقيقية بين الأطراف المختلفة على الأمور الأساسية، لا يمكن أن يكون هناك اتفاق على كل شيء، المواقف السياسية تتفاوت بين حزب وآخر ولكن في قضايا أساسية هي وحدة العراق واستقلاله وسيادته وعدم تدخل الدول الخارجية في شؤونه، هذه أشياء إن اتفقت عليها الحكومة وعملت على تنفيذها هي التي ستضفي الاستقرار على العراق".

وعن رؤية المملكة حول الاتجاه إلى تقسيم السودان، بين أن الاستفتاء كان بشكل سلمي بعكس ما كان يقال إنه سيحدث "كان يقال إنه ستنقلب الدنيا رأسا على عقب في هذا الأمر، ولكن الاستفتاء مر بهدوء وسكينة، ونأمل أن يؤدي هذا إلى وضع أسس للتعاون المثمر بين الدولة الجديدة والسودان، لأنه ليس هناك شك أنه سيكون في مصلحة البلدين". وأكد أن الرسالة التي دائما تحملها المملكة هي الجدية والمصداقية والشفافية "وهذا نهج خادم الحرمين الشريفين في كل أمر يسير فيه، وإن سارت الجامعة العربية على هذا الأساس فإنها ستنجح في كل مراميها".