ومن المضحكات في هذا الزمان احتكار الوطنية بالصوت العالي، والدفاع عن القضية العادلة والتصدي لمقارعة وجهات النظر المخالفة بالصراخ المزعج، فالمثقف الواثق الذي يتصدى لرأي مخالف لا يصرخ ولا تكون البذاءة طريقاً له، فمن كان طريقه البذاءة للدفاع عن وجهة نظره يسيء لوطنه أمام نظر المشاهد لوجهه.
هنا نموذجان يتطابقان في المنطق والفهم، في قناة سكوب يوجد مذيع اسمه سعود الورع، يقدم برنامج هو فيه الخصم والحكم، فلو اتصل به المشاهد الذي يؤيد رأيه أو حتى فجر السعيد صاحبة القناة تجده هادئاً خافض الصوت والرأس، وإذا كان المتصل ضد ما يرى خصوصاً من التيارات النيابية التي يعاديها تجد الصراخ وكل قاموس الشتيمة والتخوين، بل ويطلب أحياناً ضرب خصومه بالخيزران، حلقة واحدة لسعود الورع تجعلك تشاهده بين فترة وفترة لتوسيع الصدر، فمن المستحيل أن ترضى الحكومة الكويتية أن يمثلها سعود الورع بهذا الفراغ المتوحش.. بكل هذا الاعتداء السوقي على الناس!
بالمقابل هناك نموذج مواز، وهي الضيفة الدائمة مؤخراً لقضايا المرأة السعودية روضة اليوسف، فهي تحقق الأكشن المطلوب للفضائيات، فتسيء دائماً بسبب فقدان الكياسة والوعي، وعشق الظهور للمرأة السعودية. فمنذ استضافتها في برنامج اتجاهات مع هيفاء خالد والشتائم إياها حول قيادة المرأة للسيارة، حتى ظهورها في برنامج أجندة مفتوحة الذي يتضح من عنوانه أنه ليس مكاناً لروضة؛ كانت تكرس نموذج سعود الورع في الدفاع عن قضايا المرأة، كثير من المثقفات السعوديات ممن يملكن الرؤية والثقافة وجزءاً من الثقافة الشرعية كن كفيلات بدحض الرؤى المخالفة، من دون الصراخ والضحك الاستفزازي، اللذين ليس مكانهما قناة يشاهدها العالم، بل جلسة ضحى مع شوية مكسرات!
كانت روضة فقط تضحك وتصرخ وتقاطع، ولا تجيد من أدب الحديث شيئاً، وفي خلفية قرار تاريخي للمرأة وهو عضويتها بمجلس الشورى والمجالس البلدية، لم يكن لهذا النصر المؤزر سوى صدى أراجوزي يستجلب التندر والأسف!
كنت انتظر د. لمياء باعشن، أو عزيزة المانع، أو بدرية البشر، لم أكن أتوقع أن أرى سعود الورع في نسخته السعودية!