هل توقفنا قليلاً عن الحديث عن الأندية، وحوّلنا اهتماماتنا باتجاه الأخضر الكبير، كونه يحتاج في هذه الفترة إلى وقفة وطنية مخلصة، تساعده على الخروج من هذا النفق المجهولة نهايته.

دعونا ننسى ريكارد ـ رغم قناعتي أنه مدرب كبير ومكسب لكرة القدم السعودية ـ، دعوه يعمل دون تدخل أو وصاية إعلامية، فلسنا الأقرب إلى المنتخب من هذا الهولندي صاحب السجل التدريبي العالمي.

إذا قرر المدرب ألاّ يشرك محمد نور في المباراة المقبلة أمام تايلاند، واتخذ قراراً آخر باستبعاد ياسر القحطاني، فعلينا أن نتقبل قرار "الكوتش"، ولنؤجل تنظيرنا وكلامنا إلى وقت آخر.

وحتى يأتي ذلك الوقت، الذي أتمنى أن ينتهي بتجاوزنا لهذه التصفيات، وإعلان التأهل إلى التصفيات النهائية ـ بإذن الله ـ، فحينذاك إما أن نهنئ المنتخب ومدربه، أو نواجه المدرب ونفتح معه ملف التحقيق.

وفي حال أخفقنا ـ لا قدر الله ـ، فإن أحد أسباب ذلك بلا أدنى شك هو الإعلام، وأعني هنا الإعلام الذي ينظر للمهام الكبرى، وكأنها جلسة في "ديوانية"، ما جعل الإعلام الرياضي يصنف المنتخب، وكأنه أحد فرق الدرجة الثالثة.

إن ما أقصده، هو أن الإعلام الذي من مهامه أن يلعب دور الموجه علاوة على أنه وسيلة تثقيف، يلعب في الرياضة دوراً آخر، ليس فيه التوجيه ولا الثقافة، غير أسلوب التحريض، والإقصاء، ووضع العقبات، ورمي التهم.

لذلك لن نلوم الجمهور الرياضي إذا لم يساند المنتخب، ولن نلومه إذا وصل الأمر إلى عدم اهتمامه بمشاركة منتخب بلاده في تصفيات كأس العالم الحالية، ولن نلومه إذا لم يحضر بنفس الأعداد التي تحضر في مباريات الدوري المحلي خلف فرقها.

لماذا أقول ذلك، ولماذا أبرر للجمهور هذه المواقف السلبية تجاه منتخب الوطن؟، كل ذلك لقناعتي أن الجمهور بريء، فهو يتلقى في كل يوم سيلاً من المقالات، والأخبار، والصفحات الرياضية التي توسع الفجوة بين المنتخب وجمهوره. ولو بحثنا عن الأسباب التي جعلت الإعلام الرياضي يمارس هذا الدور العدائي تجاه المنتخب، لوجدنا أنها أسباب أبسط ما يمكن أن نصفها به أنها "لعب عيال"، وما أكثر "العيال" الذين يلعبون في صحافتنا الرياضية في السنوات الأخيرة.

لقد قال زميلي الإعلامي الرياضي القدير، مساعد العصيمي عبارة أثناء استضافته في برنامج "الملعب" في القناة الرياضية: "أتوا إلينا بعد الأربعين"، وصدق ـ أبو أحمد ـ، فأين كان هؤلاء كل هذه السنين، وما الذي يحملونه من فكر للصحافة الرياضية؟

إننا أمام صنفين في الصحافة الرياضية، الأول ممن جاؤوا إلى الصحافة الرياضية في سن متأخرة، وهؤلاء دخلوا ليجربوا أجواء الصحافة، فوجدوها بعد أول مقال ـ الله به عليم ـ، هي الأجواء التي يحلمون بها.

أما الصنف الآخر، فهو الذي دلف إلى الصحافة خلال هذه الفترة، فلم يجد من يوجهه، أو يدربه، فأصبح منذ اليوم الأول كاتبا، وضيفا على القنوات الفضائية، والبرامج الإذاعية، ويحمل في جيبه كروتا تبدأ بـ"الأستاذ".

وعلى رغم ذلك، فإن صحافتنا الرياضية بها العديد من الأسماء الجميلة، والنماذج المضيئة، ولكنها اختفت خلف هذين الصنفين، لأنها تؤمن بأن الصحافة مهنة محترمة، ومنبر ثقافي وتنويري، وليس ظاهرة صوتية.

فهل تعيد الصحافة من خلال رؤساء التحرير النظر في هؤلاء؟!

سنارة:

يقول إفلاطون:

قمة الأدب أن يستحي الإنسان من نفسه ..!