ليت برنامج "هذا أنا" الجديد الذي يبث على قناة mbc مساء كل اثنين اختلف في جوهره عن البرامج الأخرى التي تستضيف الفنانين أو تذهب إليهم للحديث عن حياتهم وتفاصيلها.. فالمحتوى حفظه الجمهور عن ظهر قلب، من خلال البرامج الأخرى التي تفننت القنوات عبرها في عرض خبايا يوميات الفنانين "الخارقين" الذين يفترض أن يعرف الجمهور العربي كل شيء عنهم، لأن واحدهم "قدوة"، وكلهم "قدوات" للشباب العربي، الذي ترك همومه الحياتية وهجر ساحات التغيير في بلدان الربيع العربي، ومشاغله في بلدان "الصيف العربي" ليتفرغ لمشاهدة "قدواته" فيعرف من الحوارات معهم متى يستيقظون صباحاً، وكيف يوفر صابر الرباعي وقتاً لأسرته، ويعوض غيابه عن البيت بـ"تدليل" ابنه مقدماً بذلك للناس يوم الاثنين الماضي معلومة عجز عنها "فرويد" وربعه.. وتأتي المعلومة الأهم التي لا يعرفها أحد، حين أخبر الرباعي مقدمة البرنامج أن "سفرياته كثيرة فهو مضطر للشغل والتسجيلات والتصوير"!

ولم تكن حلقة رانيا برغوث في "هذا أنا" مع عبدالله الرويشد أقل كثافة بـ"ما لا يعرفه أحد"، فالغزو العراقي للكويت آلمه! وهو أحب كرة القدم في طفولته، وندم على زواجه المبكر، وما إلى ذلك من كلام مكرور في أغلب أحاديث الفنانين. ولكن الجديد الذي نطقه كان "طامة كبرى" حين استجدى تكريمه وهو على قيد الحياة "على مسيرته الفنية التي مشى فيها منذ 32 سنة". والمستغرب أن يقيّم فنان مهما بلغ شأنه نفسه، ويرى أنه يستحق التكريم، ويجب أن يُكرَّم على إنجازاته "العظيمة"، من غير أن يتنبه إلى أن سماعه وحضور حفلاته واستضافته في الفضائيات تكريم.. ولم يتنبه أيضاً إلى أنه من غير اللائق بأي شخص من الفنانين أو العلماء أو أصحاب المنجزات العظيمة أن يقول للجهات الرسمية وغير الرسمية "كرموني" فأنا أستحق.

أخيراً، ليت القائمين على مثل هذه البرامج يبتكرون جديداً غير سيرة فنان، وما يأكل وكيف ينام ويحلم... ليت "هذا أنا" يذهب إلى أصحاب المنجزات من المغمورين الذين لم يسمع عنهم أحد.