أعتذر لتأخر نشر هذا المقال عن موعده يوم السبت الفائت، نظراً لانشغال الصفحات بتغطية أعظم مناسبة في تاريخ أمتنا السعودية (يومنا الوطني)، ولا بأس أن ينشر اليوم، فأيامنا كلها فرحة وطن.. وما عَسَاي أن أقول من أمسي أو يومي أو غدي، فمهما سالت الأحبار في ذاكرة الوطن، وتمازجت الألوان في رسم لوحته، وصدحت الحناجر في سماء مجده، وخفقت القلوب في عشق ترابه، إلا أننا لم ولن نفي الوطن حقه، فحسبي أن أنثر فيه مشاعري: وطني.. عَلمي يعلو السواريَ نحو القمر.. سعوديٌّ أنا، بدوي الخصالِ سليلُ الحضر.. أجُرّ عَصِي المعاني برسمِ الحروفِ ونقشِ الحَجَر.. وأسرج خيلي، أذود الحياض وأسْقي الكدر.. وأحضن ماءَ السماءَ، أدوسُ الرمالَ وأُبْقِي الأثر.. وأعدُو فوقَ السحابِ، وفوقَ الجبالِ أمدُّ النظر.. أقيمُ الحوارَ، أصونُ الجِوارَ، وأحمي الحدودَ بلمحِ البصر.. وطني وطني سأرفعُ رأسي بين الشعوبِ وكلِّ البشر.

ولأن اليومَ الثاني من احتفالنا بيومنا الوطني، وافقَ اليوم الأخير من احتفالنا بمهرجان سوق عكاظ؛ وكنت قد أعددت عباراتِ ثناءٍ خَصصتُ بها سمو الأمير خالد الفيصل ـ لما بذله من جهدٍ لإحياء أدب وثقافة الآباء والأجداد فيما عرفته الدنيا باسم "سوق عكاظ" ـ ولعمري يستحق سموه الثناءَ؛ والثناءُ في موضعِ الصدقِ محمودُ.. لولا أنه طلب من الخطباءِ والأدباءِ والشعراءِ ألا يقيموا له منابرَ المديح، بل عليهم تقديم الثناء للذين حضروا وشاركوا وساهموا، فما زاده ذلك إلا استحقاقا للشكر كلما تراجعَ ثانٍ عن ثنائه أو مادحٌ عن مديحه، فاضطررت للتراجع عن ثناءٍ هو أهلٌ له، مردداً: "تالله ما أتيتُكَ مادحاً.. فالشمسُ لا تحتاجُ ضوءَ الأنجمِ".. ولكنه تواضعه الذي عُرف به، وإيثاره الآخرين على نفسه.

فتحية لك سيدي وتحية للمنظمين الذين أتقنوا الاستعداد وأجادوا الترتيب وأحسنوا الاستقبال، وأوفوا الجَمال حقه، وعلى رأسهم (خير من استأجرت القوي الأمين) أمين عام اللجنة الإشرافية العليا لسوق عكاظ الدكتور سعد بن محمد مارق، وكل من عمل معه لتحقيق المزيد من النجاح لسوق عكاظ، وتحية لكل من دَعَمَ أو ساهَمَ أو حضر هذه المناسبة على تراب هذا الوطن العظيم.