كثيرا ما صدمتني عبارات تزكية الذات لدى بعض المسؤولين ومن هم في مناصب قيادية استنادا على سنوات الخبرة التي أمضوها وما زالوا في أعمالهم.
حاول أن تنقل لمسؤول في إدارة حكومية علة يشكو منها المراجعون، أو آلية عمل مازالت رهينة لنظام مرت عليه عقود دون تحديث، فلن يترك لك مجالا لاستكمال حديثك، وبالذات لو تجرأت وانتقلت من حالة النقد إلى حالة تقديم الحلول، حينها ستأتيك العبارة (البلوى) .. "أنا لي ثلاثين سنة في هذا المنصب، في هذا المجال، في هذا القطاع، في هذا الموقع".
ستسمع هذه العبارة من العسكري والتربوي والإدراي والخبير والمستشار وحتى من الإعلامي، وواقع الحال يقول إن الخبرات العملية الفعلية لأولئك ليست ثلاثين سنة بل هي سنة واحدة مكررة ثلاثين مرة، حيث خلت من أي إضافة ومن أي إبداع ومن أي تطوير وتحديث، فالحال على ما هو عليه منذ ثلاثين سنة.
ثلاثون سنة بلا هوية، ثلاثون سنة خلت من إيجاد حلول للمشاكل، وخلت من أي مبادرة ترتقي بالمكان، بالنظام، بالعنصر البشري، بالبيئة المحيطة بذلك المكان، إنها كما قلت سنة واحدة مكررة عشرين أو ثلاثين أو أربعين مرة حسب سنوات الخدمة المسماة بالخبرة لدى أولئك الناس.
العلة تكمن في أن كسر المألوف منهج أو سلوك غير مشاع لدينا، ولا يلقى قبولا من الكثيرين ممن يفترض بهم أن يشجعوا على ممارسته ويعززون انتشاره، ولهذا يفتقر الكثير من أعمالنا إلى المبادرات والإبداع، ونظل دوما رهنا لتجارب وممارسات وأعمال تقليدية تجاوزها الزمن، أو لا تقدم حلولا ولا تضيف جديدا، ولا تساهم في تجاوز مرحلة مضت، فكل شيء منسوخ ومكرور وجامد وتقليدي، بدءا من خطبة جمعة تردد عبارات لا جديد فيها، بينما محيط المسجد يئن بمشاكل العصر المزعجة والمضرة، ومرورا بمنهج عمل البشر الذين تلتقيهم يوميا في حياتك من مدرسين وأساتذة جامعة وأطباء ورجال مرور وقضاة وإداريين، وانتهاءا بمعاناتك مع أنظمة وقوانين وعقليات تصطدم بها كلما دخلت مطارا أو محكمة أو جامعة، وكلما فتحت ملف معاملة لتستثمر أو تستقدم أو لتبحث عن وظيفة.
بقي أن أقول للباحثين عن معنى كسر المألوف وأهميته في التغيير ليراقبوا ما يفعله الأمير خالد الفيصل في محيط منطقة عمله وفي وطنه.
خالد الفيصل صاحب مبادرات وإبداعات لا تنضب ولا تتوقف، وبينه وبين التقليدية عداوة، ولهذا لن يمرعام إلا وله مبادرة متفردة، ولن يمر شهر إلا وله حضور لافت في فكرة أو مشروع أو قرار، ولن يمر أسبوع إلا وقد أحدث حراكا في مكتبه أوفي منطقته بل وأحيانا خارج وطنه.
خالد الفيصل واحد ممن يعشقون كسر المألوف بحثا عن كل جديد يدفع بنا نحو الصفوف الأمامية.
خالد الفيصل لم يراهن أبدا على تلك العبارة التي تقف خلف حالة التأخر التي نعيشها في جوانب ليست بقليلة، بل راهن على نتاج أعمال أضافت وستضيف بإذن الله في قادم الأيام جديدا للوطن والمواطنين، بينما أولئك يتفاخرون بعدد السنوات التي أمضوها علة وعالة على الوطن.