في مختار الصحاح " قصّ" أثره تتبعه ، ومنه قوله تعالى في سورة الكهف " فارتدا على آثارهما قصصا " ومنها قص عليه الخبر ، قال تعالى في سورة القصص " وقصّ عليه القصص قال لا تخف " وقد وردت معاني كثيرة للقصة في القرآن الكريم ، ما بين الاعتقادية ، والسلوكية ، والأخلاقية ، كما جاء في سورة الأعراف " فاقصص القصص لعلهم يتفكرون " . وفي سورة آل عمران " إنّ هذا لهو القصص الحق وما من إله إلا الله " . وفي سورة الأنعام " إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين " أما ورود فعل " قصّ معرفاً في القرآن الكريم فيدل على حكاية ما حدث لرسله مع أقوامهم ، كما في قوله تعالى : " وكلاً نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك " وقوله تعالى : " ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك " جاء هذا في دراسة تربوية ومنهجية معمقة قدمها الأستاذ الباحث عبدالرحمن النحلاوي رحمه الله في كتابه " التربية بالقصة " ويعني بها القصة القرآنية، بمشاهدها، ومشاعرها، وقيمها، وأفكارها مع تحليل عناصر الحياة فيها ، والمبدأ والمصير وأسباب القوة والنجاح، أوالفشل والخذلان ، لذلك جاء القصص القرآني " ليعطينا صورة حية لاستعمال قوى الفكر والعقل في فهم رسالة الله، ومحاسنها، أو تدبرها وما جاء به رسل الله" وقد حدد النحلاوي بعض أهداف القصص القرآني : كإثبات كون القرآن وحياً من عند الله، وأن محمداً رسول الله، فالنبي لم يكن كاتباً ولا قارئاً، ولا عرف عنه أنه كان يجلس إلى أحبار اليهود والنصارى، ثم جاء بهذه القصص في القرآن الكريم، وجاء بتفاصيلها الدقيقة، كقصة يوسف، وموسى، وهارون، وقصة عيسى بن مريم وأمه، وقصة من آمن من آل فرعون، وقصة داود وسليمان، وبطر " سبأ " بالنعمة، وزوالها عنهم، وتفرقهم بعد ذلك، وتمزقهم، وقصة زيد بن حارثة، وقصة قرية قوم لوط التي أهلكت بالحجارة التي أمطرت بها "مطر السَّوء" كما وردت في القرآن الكريم قصة آدم مع إبليس في ست سور من القرآن "قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين" . "وقصة ذي القرنين" وهي قصة اقتضتها ظروف الدعوة والبرهان على أن القرآن الكريم وحي من عند الله وقصة طالوت الذي بعثه الله لبني إسرائيل، وغيرها من القصص التي تبني النفوس المؤمنة لتنهض برسالة السماء، رحم الله النحلاوي الذي ترك سلسلة من أساليب التربية الإسلامية، كالتربية بالحوار، والتربية بضرب الأمثال، والتربية بالعبرة، والتربية بالترغيب والترهيب.