ما إن تضع الأم مولودها الأول حتى تنهال عليها النصائح التي تتطوع بها الجارات والقريبات والجدات بحكم الخبرة، تلك النصائح التي قد تودي بحياة الصغار، أو تتسبب في مضاعفات سلبية خطيرة لهم، ومن هذه النصائح إعطاء المولود مزيجاً من الأعشاب لآلام المغص، أو وضع قطعة معدنية على صرة الطفل الملتهبة، أو عمل مساج للمولود بعد الولادة مباشرة.

تقول أم نواف "كادت إحدى وصفات جدتي والتي اعتمدتها والدتي، أن تنهي حياة طفلي، وهي عبارة عن خليط من الأعشاب مثل الكمون والكراوية والحلبة وحبة البركة والنعناع، جميعها تغلى في ماء، وقمت بإرضاع صغيري هذه الأعشاب حتى ينعم بنوم هادئ، ويتخلص من المغص، وأنا آخذ قسطا من الراحة، وماهي إلا دقائق معدودة حتى بدأ الطفل بالبكاء المتواصل، وعلى الفور حملته إلى أخصائي الأطفال، والذي أكد أن طفلي أصيب بتسمم نتيجة تفاعل تلك الأعشاب".

أم أروى تذكر لنا تجربتها مع نصائح الجارات والقريبات، حيث تقول "اتبعت نصيحة إحدى قريباتي، وقمت باعتماد النصيحة فور خروجي من المستشفى، وقمت بعمل مساج لطفلتي في يومها الثاني مكون من زيت الزيتون والملح الخشن وحبة البركة، وقمت بتدليكها من الأسفل إلى الأعلى حسب الوصفة، وما أن انتهيت حتى بدأت الطفلة بالبكاء المستمر مع ارتفاع في درجة الحرارة، والنتيجة إصابة طفلتي بانزلاق في أحد عظام الكتف الأيسر"، وتضيف "ها أنا الآن أداوم على مراجعة عيادة العظام بانتظام لمعالجتها".

أما نوف العنزي فتروي قصتها مع نصائح إحدى جاراتها قائلة "كادت طفلتي أن تفقد بصرها أثناء قيام إحدى الجارات بوضع الكحل البودرة في عيني الصغيرة، وهي عادة مجتمعية متوارثة من الأجداد والجدات، حيث تعورف أن المولود بعد الولادة لا بد أن يوضع الكحل في عينه بواسطة عود ثقاب يوضع من الليل في بصلة متوسطة الحجم، ومن ثم توضع في بودرة من الكحل، ويكتحل المولود بواسطتها، اعتقادا بأن هذه المادة تمنح العين سوادا طوال العمر، وتطرد البكتيريا". وها هي أم سدين إحدى ضحايا شعار "إذا ما نفع ما يضر" تروي حكايتها مع الخبيرات، حيث تقول "ولدت طفلتي وهي تعاني من انتفاخ في الصرة، ورفضت البقاء في المستشفى لمعالجتها، وليتني فعلت، وبعد وصولي إلى المنزل بادرت أم زوجي بوضع قرش معدني على صرة طفلتي، وقامت بربطها بقطعة قماش، ونصحتني بألا أنزعها لمدة ثلاثة أيام، وعملت بالنصيحة، وطوال الأيام الثلاثة عانت الطفلة من سهر وبكاء وألم، وفي بداية اليوم الثالث، نزعت القرش المعدني، وإذا بالتهاب شديد وعلى الفور نقلتها إلى المتشفى لعلاجها". وتشير أم ريان إلى أن صغيرها أصيب بمرض السكر جراء إحدى الوصفات من قريبة كبيرة في السن، وهي أن أعطي طفلي جرعة يوميا في الصباح الباكر مكونة من الماء والسكر، فهذه الوصفة ـ كما زعمت قريبتي ـ تساعد على تقوية الطفل"، وتتابع "جراء هذه الوصفة أصيب طفلي بمرض السكر، نتيجة للجهل وأخذ المعلومات الطبية من الجدات والقريبات والجارات".

وأكدت أخصائية علم الاجتماع عنود السالمي أن "لكل مجتمع ثقافته الخاصة، وفي مجتمعاتنا العربية تنتشر ثقافة النصائح الطبية من قبل الجارات والعمات والخالات للأم المستجدة، فتنهال عليها النصائح من كل جانب، وما عليها إلا الاختبار والتجربة على ذاك المخلوق الصغير".وأضافت أن الأم لأول مرة تتأثر بما ترى وتسمع في مجتمعها من ممارسات قد تكون سلبية ومضرة بحياة الطفل، خاصة إذا كانت الأم في بداية حياة الأمومة". وفي المقابل أكدت أخصائية التربية الأسرية مسفرة الغامدي "خطأ الإنصات لنصائح الجارات والجدات، خاصة فيما يتعلق بصغر السن والمواليد، وتقول "شعور الأم الجديدة يختلف كثيرا عن غيرها، فدائما تنظر إلى مولودها بعين فاحصة متفقدة كل صغيرة وكبيرة، لتتأكد إن كان سليما معافى أو غير ذلك".

وتضيف أن "الطب تقدم كثيرا، ولا بد من دور تثقيفي من قبل المستشفيات للأمهات المستجدات، والتأكيد عليهن بعدم المغامرة بصحة الطفل، وأن تلك الاستشارات قد تودي بحياة الرضيع، فالأم المستجدة تعاني من كم هائل من المسؤوليات الجديدة بما فيها رعاية طفل صغير، خاصة إذا كانت الأم صغيرة في السن".