رغم النزاعات بين أديان وأعراق مختلفة في السودان يحتفظ الجنوب بمظاهر تسامح بين المسلمين والمسيحيين تشمل أحيانا العائلة الواحدة التي يتوزع أفرادها بين الديانتين بحسب القناعات من دون أي إكراه أو إحراج.

مثال مايكل جيمس لاتور (25 سنة) سائق سيارة أجرة في جوبا، هو نموذج حي عن هذا الاختلاط بين الديانتين المسيحية والإسلامية في جنوب السودان. فهو مسيحي ووالده مسلم ويتوزع إخوانه وأخواته العشرة من زوجات والده الأربع على الديانتين، ليكونوا ثمانية مسلمين وثلاثة مسيحيين.

يقول مايكل "نحن عائلة تتحدر من ملكال عاصمة ولاية أعالي النيل الجنوبية القريبة من الحد الفاصل بين الشمال والجنوب السودانيين، الوالد المسلم جيمس درس في أكاديمية الشرطة في الخرطوم وعاد وتسلم مهمات أمنية في ملكال لفترة طويلة قبل أن ينقل إلى الخرطوم".

ويوضح مايكل أن والده جيمس استقر في جوبا عام 2005 بعد التوقيع على اتفاقية السلام وانتسب إلى الجيش الشعبي لتحرير السودان، ونقل عائلته من الخرطوم الى عاصمة الجنوب عام 2007.

ويشرح مايكل أن والده من الأعيان في ملكال، يرتدي العباءة والعمامة ويلقب في محيطه بـ "الشيخ جيمس" وتزوج أربع نساء. الأولى مسلمة رزق منها أربعة ابناء هم اليوم ثلاثة مسلمين ومسيحي، الثانية رزق منها ابنان هما حاليا مسلمان، الثالثة وهي والدة مايكل مسيحية رزق منها صبيان وبنتان انقسموا مناصفة بين مسلمين ومسيحيين، في حين أن الزوجة الرابعة مسلمة وقد رزق منها ولدا لا يزال طفلا.

يضيف مايكل "أنا وشقيقتي ناشول من أمي المسيحية اخترنا أن نكون مسيحيين، في حين أن شقيقي الآخرين أحمد وخديجة قررا أن يكونا مسلمين".

ويؤكد أن هذه العائلة الكبيرة عاشت في منزل واحد بوئام ولم يكن الفرد يترك المنزل العائلي إلا عند الزواج. وعن تقاليد هذه العائلة المختلطة في الأعياد المسيحية والإسلامية يقول مايكل "في عيد الأضحى مثلا نحن الإخوة الثلاثة المسيحيين وقد تزوجنا، نزور المنزل العائلي ونتناول طعام الغداء مع جميع أفراد العائلة. وبعد الظهر نتوجه جميعا مع الوالد لزيارة الأعيان من المسلمين لتهنئتهم بعيد الأضحى". وفي عيد الميلاد يزور مايكل المنزل العائلي أيضا ويقوم برفقة أشقائه المسيحيين والمسلمين ببعض الزيارات لأعيان المسيحيين لمعايدتهم بمولد المسيح.

ويشدد على أن هذا الاختلاط الديني بين أفراد العائلة لا يعود فقط إلى جيل والده الشيخ جيمس. ويوضح "عمتي نيروب اختارت أن تكون مسيحية مع أن والدها أي جدي مسلم ويدعى لاتور، في حين أن جدي الأكبر والد لاتور مسيحي ويدعى شول".

ويحرص مايكل على القول إنه يبقى قريبا جدا من إخوته وخصوصا من شقيقه أحمد وشقيقته خديجة المسلمين. ويضيف "في حال تعرضت لأي مشكلة هما مستعدان دوما لتقديم المساعدة إليّ وخصوصا بعد وفاة والدتي".