كانت اللحظات الفاصلة بين نهاية مباراة المنتخب السعودي ونظيره السوري (1 /2) أول من أمس في كأس آسيا 2011، والإعلان عن إقالة مدرب الأخضر، البرتغالي خوزيه بيسيرو حافلة بالترقب والحكايات والتأويلات.
وفي وقت اعتبر فيه كثيرون وفي مقدمتهم نجم الكرة القطرية السابق بدر بلال أن كل بطولة لا يشارك فيها الأخضر تعد بطولة ناقصة، كان الأخضر يمضي هذه المرة على طريق مختلفة، إذ جاءت بدايته مع البطولة الحالية حبلى بالمفاجآت مقتلعة جذور الجهاز الفني بقيادة بيسيرو.
وجاء تصريح الرئيس العام لرعاية الشباب، رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم، رئيس بعثة المنتخب في البطولة الأمير سلطان بن فهد عقب المباراة حينما أشار إلى إجراءات سريعة ستتخذ ليحول الأنظار ويقسمها بين فندقي ميلينيوم مقر إقامة المنتخب السعودي, وجراند حياة مقر إقامة الأمير سلطان، حيث بحث الجميع عن سبق مترصد لهذه الإجراءات، قبل أن يعلن الاتحاد السعودي في بيان مقتضب عن إعلان إقالة بيسيرو رسمياً بعد ساعتين من خسارة المواجهة السورية، وعن تعيين ناصر الجوهر خلفاً له، وهو الذي كان حاضراً ومتابعاً لتدريبات المنتخب السعودي بصفته مستشاراً لاتحاد الكرة.
وعاشت "الوطن" لحظات ترقب للحدث، فقد قطعت عبر سيارة الأجرة من ملعب نادي الريان غرب (الدوحة) إلى فندق جراند حياة (شمال شرق) العاصمة في زمن يصل إلى 30 دقيقة وهي فترة زمنية طويلة بالنسبة لقاطني الدوحة، واصلة مع اجتماع لم يدم طويلاً أصدر الأمير سلطان بن فهد عقبه قراراً رسميا بفسخ عقد بيسيرو, ووجه وكيل الرئيس العام لرعاية الشباب عبدالله العذل بالذهاب إلى فندق ميلينيوم عند حدود الـ 11 مساء حيث مقر إقامة المنتخب لإبلاغ بيسيرو بالقرار (وجها لوجه).
وبعد أن تم الإبلاغ في المكان المعد للاستقبال في الدور الرابع للفندق, عاد مدرب المنتخب السعودي المقال إلى غرفته وبقي فيها أغلب وقته.
في هذه الأثناء شهد فندق الميلينيوم استقطاباً غير مسبوق لكافة وسائل الإعلام المقروء والمرئي والمسموع، حيث ترقب الإعلاميون حتى الساعات الأولى من فجر أمس خروج بيسيرو أو وصول بديله ناصر الجوهر إلى الفندق، إلا أن ترقبهم لم يسفر عن شيء، حيث خابت ظنونهم، ولم يخرج بيسيرو إلى بهو الفندق إلا عند الواحدة من بعد ظهر أمس.
وتواصلت كثافة الحضور الإعلامي صباح أمس، وتعددت وسائل الإعلام مابين محلية وأجنبية, لقياس اتجاهات ردة الفعل من كافة أطراف المنتخب السعودي, وانتظر الجميع لساعات طوال حتى نزول بيسيرو واتجه على الفور وسط حماية أمنية كبيرة إلى السيارة المعدة لإيصاله إلى المطار وتحديداً في الواحدة وخمس دقائق ظهراً، دون أن يشارك اللاعبين وجبة الغداء التي حدد موعدها عند الـ 12 ظهراً.
ومع الفشل في الحصول على ردة فعل بيسيرو الآنية، على الرغم من محاصرته بعدسات المصورين، توجه الحصار إلى بدر الجابر أحد أفراد الأجهزة الإدارية المساندة للمنتخب، والذي كان وحيداً في وداع بيسيرو الذي عاد إلى الرياض لإكمال تجهيزاته ومن ثم المغادرة إلى بلاده.
وتحولت بوابة الفندق إلى ساحة كلامية بين المنظمين وبعض الإعلاميين الذين وجهوا اتهاماتهم للمنظمين بإفساد عملهم، فيما لاحق بعضهم بيسيرو إلى مطار الدوحة لاستنطاقه، لكنه اكتفى بكلمتين "ضعوا أنفسكم في مكاني".
وكان الفاصل بين توديع بيسيرو واستقبال المدرب السعودي ناصر الجوهر 185 دقيقة, حيث وصل هذا الأخير إلى فندق جراند حياة مرتدياً نظارات سوداء وسط ملاحقة الإعلاميين له في لحظة انضمامه لمعسكر المنتخب، وقبل ساعة من مغادرته للتدريب على ملعب النادي العربي ضمن تحضيراته للقاء الأردن الخميس المقبل, وسط تعبير موجز اكتفى فيه بالقول "المهمة لن تكون صعبة علي".
وتصدرت صورة بيسيرو معظم أغلفة الصحف الصادرة أمس سواء سعودية أو خليجية أو آسيوية، إضافة إلى كافة المواقع الإلكترونية الرياضية بما فيها الموقع الرسمي للاتحاد الآسيوي، وأجمعت معظم العناوين على أن (بيسيرو أول الضحايا). وتراوحت باقي العناوين بين الترحيب بالوطني ناصر الجوهر وبين تفسير للقرار الذي يرى البعض أنه تأخر كثيراً، في حين رأى آخرون أن القرار زاد الأمر سوءا، وأنه كان الأولى الإبقاء على المدرب حتى نهاية البطولة ثم محاسبته.
أما في المركز الإعلامي الرئيس للبطولة في أكاديمية اسباير، فقد تراوحت الردود بين مبارك للزملاء الإعلاميين السعوديين وبين مواس للإعلام السعودي، فيما كان الإعلاميون القادمون من شرق آسيا أكثر المستغربين للصورة التي ظهر عليها المنتخب السعودي خلال مباراة سوريا مؤكدين أن المدرب لا يتحمل كل المسؤولية، وأن هناك أمورا مخفية في المنتخب السعودي.