يتوجه سكان جنوب السودان إلى صناديق الاقتراع غدا للتصويت بشأن ما إذا كانوا يرغبون في أن يصبحوا أحدث دولة في العالم، أو البقاء ضمن السودان الموحد. أجمع خبراء في الشؤون الأفريقية والدولية أن انفصال جنوب السودان "قادم لا محالة، ومن المتوقع أن يغير المشهد السوداني برمته"، معربين عن أملهم في أن يمر الاستفتاء بسلاسة وشفافية لمنع وقوع أي نزاعات في المستقبل بين الشمال والجنوب. ومن المتوقع أن تضع الغالبية العظمى علامة على صورة لراحة يد مفتوحة، وهي رمز للانفصال. ولم يكن هناك من شك في الاختيار الذي سيقدم عليه سكان الجنوب. وكان السؤال المطروح حتى عدة أشهر قليلة مضت هو ما إذا كان سوف تتاح لهم الفرصة للتصويت لصالح الانفصال عن الشمال كما يطمحون منذ فترة طويلة. وعشية التصويت يبدو أن حكومة الجنوب ومنظمي الاستفتاء قد تغلبوا على العقبات الكؤود أمام إجراء استفتاء سلمي. وكانت هناك مخاوف حقيقية من إمكانية أن يعيد الاستفتاء السودان إلى أتون الحرب الأهلية التي استمرت عقودا بين الشمال والجنوب المسيحي التي أنهاها اتفاق سلام تم التوصل إليه عام 2005. وقال أندرو ناتسيوس، الذي كان مبعوث الرئيس الأميركي السابق جورج بوش إلى السودان في الفترة من عام 2006 إلى 2007: "هناك شيئان مهمان يرغب فيهما الجنوب بشدة وهما الاستفتاء وأبيي". وتابع: "آخر شيء لدى الشمال هو أبيي وإنهم يتشبثون بها". من جهته ذكر جوك مادوت جوك، المشارك في تأسيس معهد ريفت فالي الإقليمي للأبحاث: "سوف يتعين تسوية هذه القضايا بين الشمال والجنوب"، مضيفا: "ولكنها سوف تصبح أكثر تعقيدا بعدما يصبحان دولتين".

ودعا الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر الخرطوم إلى القبول "سلميا" بقرار الجنوب، أيا يكن، خلال استفتاء تقرير المصير. واعتبر أن في الإمكان التوصل إلى حل تفاوضي لمسألة أبيي. وأشار في حديث للصحفيين لدى وصوله الخرطوم، إلى ضرورة العمل بعد ذلك من أجل التطبيق التام لبنود اتفاق السلام الشامل، خصوصا البنود المتعلقة بأبيي والحدود.

وتظاهر مئات الجنوبيين السودانيين أمس في شوارع جوبا عاصمة الجنوب احتفالا بما أسموه "الخطوات الأخيرة نحو الحرية" في إشارة إلى اقتراب موعد الاستفتاء. وتقدمت فرقة موسيقية التظاهرة وارتدى أفرادها قمصانا كتب عليها "نحن مغادرون" أي عازمون على الانفصال عن السودان والتصويت لصالح الانفصال. ووراء الفرقة الموسيقية تجمع عدد من طلبة المدارس داخل شاحنة وهم يرقصون على أنغام مكبرات ضخمة للصوت تردد "نعم للانفصال لا للوحدة". وقال جاكوب كيني أحد منظمي هذه التظاهرة: "نريد اليوم أن نستفيد من آخر يوم من الحملة الانتخابية لندعو الجميع إلى المشاركة في التصويت". وأضاف: "نحن اليوم في الشارع لنعلن للجميع أننا سنصوت للانفصال".

إلى ذلك يثير تدفق الجنوبيين العائدين للإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء مخاوف من أن يتسبب في إرهاق المجتمعات التي تعاني أصلا من شح الغذاء والماء وتهالك البنية التحتية في المنطقة. وشهدت المنطقة عودة مئات الآلاف من الجنوبيين إلى المنطقة منذ اتفاقية 2005.