يتوقع المحللون أن يتعرض اقتصاد شمال السودان لاهتزازات في حال انفصال الجنوب إثر الاستفتاء حول تقرير المصير المقرر إجراؤه الأحد المقبل. ورغم أن الشمال والجنوب ما زالا يتفاوضان على تقاسم الثروة النفطية عند انفصال الجنوب، إلا أنه يبدو مؤكدا أن عائدات الشمال ستكون أقل مما هي عليه الآن أيا كانت الصيغة التي سيتم التوصل إليها. وأقر الرئيس السوداني عمر البشير شخصيا في نهاية ديسمبر بالانخفاض المرجح لعائدات النفط وكرر عزم الحكومة على تنويع مصادر الدخل. وقال البشير" سياستنا من أجل أن يكون لدينا اقتصاد مستقر ومرن ستستمر".

وينتج السودان حاليا 500 ألف برميل من النفط يوميا ولكن غالبية حقول البترول تقع في جنوب السودان أو في المناطق الحدودية بين الشمال والجنوب. وتوجد في شمال السودان مساحات شاسعة صالحة للزراعة تروى من مياه النيل وتتنافس دول عربية وآسيوية بقوة الآن للحصول على حقوق استغلال طويل الأجل لهذه الأراضي. وتهدف هذه الدول إلى إنتاج سلع غذائية في السودان من أجل إعادة تصديرها لتغطية استهلاكها المحلي. وتسمح هذه الاستراتيجية بمضاعفة الصادرات الزراعية لشمال السودان وبالتالي الحصول على عملات أجنبية ولكنها لا تتيح بالضرورة تحقيق الأمن الغذائي للبلاد.

ويقول محلل سياسي أجنبي مقيم في الخرطوم إن "هناك فارقا بين أن تجعل من الزراعة عاملا مستقرا للنمو الاقتصادي وبين تحقيق عائد سريع من خلال تأجير الأراضي". ويتفق المحللون على أنه ينبغي كذلك تحديث قطاع الزراعة، وهو ما يتطلب استثمارات ضخمة. ويقول أستاذ الاقتصاد في جامعة الخرطوم محمد الجاك إن "تطوير الصادرات التقليدية للسودان، مثل السلع الزراعية سيأخذ وقتا". ويضيف "لا توجد موارد تمويل أجنبية بسبب تراكم الديون على الحكومة إضافة إلى عزلتها الدولية".

ويقول الخبير الاقتصادي السوداني عصام محمد إنه "مع انخفاض العائدات النفطية فإن الحكومة ستحاول زيادة الضرائب، وأتوقع أن يكون الوضع صعبا للغاية في غضون ستة أشهر". ويضيف "إننا مضطرون لشراء 80% من القمح الذي نستهلكه من الخارج وندفع ثمنه بالعملة الأجنبية". وحذرت الأمم المتحدة في نوفمبر من أن الارتفاع العالمي في أسعار السلع الغذائية يمكن أن يكون له آثار قاسية على السودان. ويؤكد وزير الزراعة عبدالحليم المتعافي أنه مع تطوير القطاع الزراعي، سيتمكن شمال السودان من تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح في غضون خمس سنوات.